حوار مع الكاتب محمد ممدوح عبد السلام ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب .


مجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب.
http://majalatdaouairdaoua.blogspot.com

مدير النشر و رئيس التحرير :
الكاتب المغربي حسن مستعد

فقرة : حوار مع أديب.

أعتقد أن الكتابة الجيدة ، ترتبط أساسا بقدرتها على فعل الدهشة ، و ليس افتعالها ، أي أن تكون هذه الدهشة نابعة من بطن النص ، و ليس من ظهره أو قفاه ، أو بعبارة أخرى أن تكون الكتابة هي كتابة الدهشة ، و الدهشة هي دهشة الكتابة ، و هذه العلاقة بين البياض و الإغتصاب ، البياض اللازم لأي كتابة حقيقية ، و الإغتصاب الفاعل في هذا البياض كضرورة حتمية لتحقيق فعل الكتابة.
و انطلاقا من هذا المنظور ، تصبح الكتابة ذات طبيعة جنونية ، بالمفهوم النتشوي للكلمة ، أي تصبح ذات طبيعة أيروسية ، تعمل بمقتضى هذه الخصوصية على تجاوز نفسها بنفسها .
و تلك حقيقة الكتابة بمختلف أبعادها الأدبية و المعرفية ، ثورة دائمة على ذاتها ، و طرق دائم لمناجم البكارة ، حيث يتسع الصدى للمبدع و تغزر لديه إمكانات الكشف و الإبتكار .
فالكاتب محمود ممدوح ، يجمع الواقع و الفانتازيا ، في أسلوب سلس ، و جمل قصيرة مكثفة ، مما يثير فينا الدهشة.
فالفانتازيا هي الكتابة الخيالية بعيدا عن قواعد الحياة الواقعية ، لخلق قوانين جديدة نبني عليها كتابة منطقية . هنا قد تكون الشخصية الرئيسية هو الكاتب نفسه ، فشخصيته تتعدد ، تتضاعف ، تتحول ، تمتزج مع المادة أو العنصر .
فالأدب العجائبي ، شاعري في الأساس و يكمن مصدر الإلهام في الخيال العاطفي الإنفعالي .
كما جاء في إحدى قصصه بمجموعته " سراب أزرق "
( العين لا تزال تخترق ظهري ، إلتفت فوجدته يدخل من باب مكتبة مختبئا في كتاب يتحدث عن جغرافية العالم ، إنتزعت الكتاب ، بحثت عنه في محيطين و بين أشجار غابتين كبيرتين ، فكاد صقر ينتزع عيني من محجريهما . شتمني البائع لما سببته للطلبة الصغار من هلع ) .
أو كما جاء في إحدى قصصه بمجموعته القصصية " كاميرا تصطاد بحرا " .
( فتح البحر عينيه في الصباح ، ليجد نفسه في هذه البقعة من العالم ، و بأحشائه سفن غارقة ، أسماك ، صخور ، هياكل عظمية على وجوهها ابتسامات غامضة ، لم يشعر البحر بأية عاطفة تجاه الأشياء ، و لم يهتم بتحريكها من أماكنها على سبيل التسلية ، كان شعوره أنه حل ضيفا عليها دون موعد ، فيتخذ الماء في أحشائه إيقاعا مملا ).
ختاما ، فالقصة عند الكاتب محمد ممدوح ، تؤسس حركتها على اللعب ، و تفتح نفسها على فضاء الدهشة ، خالقة حوارا أثيرا بين الكاتب و النص ، بين النص و النص ، بين النص و القارئ ، و بين القارئ و الكاتب في آخر المطاف.

حاوره : حسن مستعد

- مرحبا بك سيد ممدوح ، و أشكرك على تلبية الدعوة للحوار ، و لقاء قراء مجلة دوائر ضوء .
- سعيد جدا بوجودي معك صديقي الكاتب المغربي حسن مستعد ، في هذا الحوار ، بمجلة دوائر ضوء ، التي أصبحت تعد رافدا ثقافيا و منبرا حرا متميزا.

1 - س : سؤال البدايات التقليدية ، يعرفك الجميع كأديب و قاص ، نريدك أن تحدثنا عن محمد ممدوح ، من هو ؟

- ج : من أنا!؟ .. سؤال تصعب الإجابة عليه، لكن من الممكن أن أقول، أنا الباحث عن معني للحياة والعالم من خلال الكتابة ولم أصل بعد.
محمد ممدوح ، كاتب مصري
مزداد في 16 يناير 1986م .

2 - س : في وقت ما تشكل لديك هذا الهم القصصي ، كيف كان ذلك ؟

- ج : الكتابة في مجملها هم كبير لمن يأخذها بجدية وليست مقتصرة علي، تشكل لدي هذا الهم من محاولة فهم ذاتي والعالم من خلال الكتابة

3 - س : ما هي طقوسك في الكتابة ، و كيف تستوحي و تلتقط خيوط البداية ؟

- ج : ليست لدي طقوس معينة في الكتابة بالمعني الضيق للكلمة؛ لكن يكفيني مكان هادئ بعيدا عن الصخب(هذا المكان هو حجرتي التي لم أكتب خارجها قط)، وموسيقي كلاسيكية في الخلفية.

4 - س : أدبيا ثم قصصيا ، هل تدين لأحد بالفضل ؟

- ج : أدين بالفضل لكتاب العالم العظام من مختلف الثقافات بأعمالهم العظيمة التي فتحت لي آفاقا رحبة علي الإنسانية، وعرفتني معنى الكتابة، أو معنى أن تكون كاتبا .

5 - س : هل لنا أن نعرف العوامل الفنية التي تتحكم في طول القصة و قصرها عند محمود ؟

- ج : لاتوجد عوامل فنية تتحكم في طول القصة وقصرها غير موهبة الكاتب؛ فبإمكناك قراءة قصة من 20 صفحة ولا تشعر بالملل أبدا وكذلك العكس، الموهبة هي الأساس في السرد وبناء الأحداث.

6 - س : تتعدد مدارس القصة الحديثة ، هل تصنف نفسك ضمن واحدة منها ، عربية أو غربية ؟

- ج : أنا ضد التصنيف إجمالا؛ لكن هناك هواجس أو خطوط عامة تميز مشروع كاتب عن آخر، وأحيانا تكون عن غير وعي ويترك للقراء والنقاد مهمة التنقيب عن المعني والدلالة، لكن علي الجانب الآخر أنا أميل إلي القصة المنتمية إلي عوالم الخيال والغرابة ولا بأس من بعض الغموض المحبب إلي النفس، وسأستعير جملة للروائي المصري مصطفي ذكري، تقول:" كن غامضا ولا تكن مملا".

7- س : قلة هم الذين يمكن أن نلقبهم بشعراء القصة القصيرة ، فهل أنت مع تعميق التخييل و الشعرية ؟

- ج : نعم .

8 - س : أتساءل لماذا يكون البطل في السرد القصصي " شخصا " ، و هل من الممكن أن تكون القصة بلا بطل ؟

- ج : لا يمكن للقصة أن تخلوا من بطل؛ حتي ولو كان ظلا!.

9 - س : قد تستدعي الأوضاع الإجتماعية و الفكرية ، التي تحيط بالقاص أن يستغرق في المشهدية الوصفية ، و يجنح إلى العادية غير العميقة ، و ربما أخذ ذلك قسما كبيرا من إنتاجه ، فما الضابط الذي تقترحه في ذلك ؟

- ج : الضابط في هذا الشأن يتوقف علي موهبة الكاتب وقدرته علي التحكم في أدواته وتطويعها لخدمة نصه.

10- س : ماذا تستشرفون في أفق القصة القصيرة جدا ، كنص قصصي متطور ، و له مكانته النقدية ؟

- ج : ستكون فنا كتابيا كأي من الفنون الكتابية الأخري له مؤيدون ومعارضون؛ لكنها تحتاج إلي بعض الوقت.

- 11 س : في ظل الإنشغالات اليومية و صعوبة النشر الورقي ، هل أصبح السبيل الوحيد أمام المبدع هو النشر الإلكتروني ؟

- ج : المستقبل للنشر الإلكتروني علي المدي البعيد، لكنه لن يزيح الورقي بسهولة.

- 12 س : في الشبكة العنكبوتية العالمية ، تنتشر التجارب القصصية التي تفتقر إلى الإبداع ، على أنها أدب مقروء له جمهوره . ألا يسيء ذلك إلى المشهد الأدبي العام و يضعفه ، تقنيا كيف نحكم بالجودة على قصة ما ؟

- ج : من حق الجميع أن يكتبوا ويقولوا ما يشاءون، وفي العالم كله هناك الكتابة الجادة والكتابة التجارية؛ لكن المسئ للمشهد الأدبي هو الإحتفاء بهذا النوع من الكتابة علي الأدب الجيد.

- 13 س : القارئ يود أن يعرف كم لديك من الإصدارات و الجوائز؟

- ج : صدر لي :

- سراب أزرق، قصص 2015م، دار غراب للنشر والتوزيع.

- كاميرا تصطاد بحرا، قصص، 2019م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

الجوائز:

*جائزة مركز رامتان الثقافي(متحف طه حسين)، مرتان 2015م، 2016م

*جائزة ربيع مفتاح للقصة دورة خيري شلبي 2016م.

*جائزة صلاح هلال للقصة في العالم العربي 2016م

*جائزة مؤسسة بتانة الثقافية في دورتها الأولي 2015م، بالتعاون مع المجلس الأعلي للثقافة 2016م.

*جائزة المجلس الأعلي للثقافة دورة عبد الرحمن الأبنودي 2015م، عن مجموعة قصصية، مخطوط، بعنوان "سيارة كفافيس".

- 14 س : المبدع العربي حقه مهضوم ، ولا يلاقي أدنى اهتمام ، و يعاني أحيانا من اللامبالاة في وطنه ، بماذا تفسرين ذلك؟

14 - لأن الثقافة في ذيل الإهتمامات.

- كلمة أخيرة ؟
- الكتابة حياة. شكرا .

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

نص الحوار الأدبي ، مع أيقونة جربة ، الشاعرة التونسية حياة بربوش ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب

حوار مع الشاعر و الإعلامي الكردي السوري مروان شيخي ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة

نص الحوار الأدبي مع الفائزة في المسابقة العربية للقصة القصيرة، القاصة المصرية ريهام حمدي إسماعيل ، منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب