حوار مع الشاعر خالد الدامون
مجلة دوائر ضوء ،
http://majalatdairdaoua.blogspot.com
فقرة حوار مع أديب .
حاوره : الكاتب المغربي حسن مستعد .
عندما نتحدث عن الشاعر المغربي خالد الدامون ، ينبغي أن ننظر إلى أثره الإبداعي الذي تجاوز أكثر من فن ، و إن يكن قد صنف شاعرا .
فهو عاشق لا يمل التجديد و التغيير ، يجوب الآفاق و يأبى النزول و الإطمئنان...تأسره الكلمة الأنيقة و تطربه الألحان بكل إيقاعاتها الشجية ، و يهتز لإيقاع البيان ، فيملك عليه كل زمام .
تسري في أشعاره فيضانات من الأحاسيس الرهيفة الدافئة و الرؤى المتوهجة . و تتألف في قصائده البهجة كما يسكنها الحزن أيضا..
وجه صبوح ، بشوش ، دائم الإبتسامة تفتر عن ثغر ، كأنه يلقي الشعر أينما حل و ارتحل . هو ذلك الشاعر الطفل الذي لا يتوانى في تجريب الأشياء " يقترب من العسل ليفوز بعضتين أمر من العلقم" ( من قصيدته : ) ، و أقترب أنا منه ، كي أفوز بحوار شيق و حلو أحلى من عسله .
فلنقترب جميعا من الشهد ، لنتذوق عسل هذا الحوار ..
- بداية نرحب بك السي خالد بين ظهراني مجلة دوائر ضوء ، فأهلا و سهلا بك.
1 - س: من هو الأديب والشاعر خالد الدامون؟
ج : خالد الدامون ابن من أبناء مدينة الفنيدق،
( كاستيخوس- Castillejos) إسمها في عهد الحماية الإسبانية في الشمال، وتنفرد بموقع استراتيجي بهي على ضفاف البحر الأبيض المتوسط في أقصى شمال المغرب.
نطق أولى حروف الوجود والحياة في أحضان أحيائها، خاصة " عزفة" مسقط رأس الأجداد و " كنديسة" مسقط رأسه ( 1970) ومرتع طفولته ويفاعته وجزء مهم من شبابه، تلقى تعليمه الإبتدائي في مدرسة الفنيدق المركزية" مدرسة سيدي أحمد بنعجيبة " حاليا، وتعليمه الإعدادي بإعدادية أبي القاسم العزفي بالفنيدق، وبخصوص دراسته الثانوية فقد تلقى تعليمه في السنة أولى بكالوريا بثانوية الإمام الغزالي بسانية الرمل بتطوان، ثم عاد مجددا إلى ثانوية الفنيدق بعد أن أحدثت بالبناء المفكك، وقد أطلق عليها بعد إعادة هيكلتها بالبناء الصلب " ثانوية أبي الربيع السبتي"، ويعد حصوله على البكالوريا من الثانوية المذكورة انتقل إلى مدينة مارتيل ليتابع مشواره الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد الملك السعدي، حيث سيتككل مشواره هناك بالحصول على الإجازة في الآداب العصرية،
وفضلا عن الدراسة كانت له اهتمامات بالإبداع والآداب وخاصة الكتابة الشعرية التي صاحبها وصاحبته قراءة وإبداعا، حتى صارت في حياته أمرا لا غنى عنه، وقد تبلورت بداخله متوغلة في أعماقه لدرجة صارت معه رديفة للحياة والوجود.وهي إلى اليوم تلازمه، في كل مرة تزداد توغلا في مناطق الشغف والحب الجارف
قراءة ،إبداعا وكتابة، شعرا وسردا.
2 - س : كيف كانت يا ترى ، بداياتك على درب الكلمة؟
ج: في اعتقادي أن المبدع الحقيقي هو ذاك الذي مهما تطور في تجربته الإبداعية يظل يخالجه ذلك الشعور او الموقف المنهجي الذي ينبهه دائمآ أنه لازال في البداية، وأنا ومن هذا المنطلق ، بداياتي كثيرة ولا تنتهي، كل يوم أقرأ وأتعلم وكل يوم أخوض محاولات جديدة لكتابة نص يحظى بالجدة التي ترضيني وترضي الشعر.
لقد كانت بداية البداية مع تلك الخربشات المتشاعرة التي كنت أكتبها في مرحلة التعليم الإعدادي لي وحدي، خربشات كنت أخبؤها، وأحيانا كثيرة أمزقها وارميها في القمامة،هاته الخربشات استمرت معي وتطورت حد جعلني لا أرى حرجا في أن أطلع عليها بعض أصدقائي في الدراسة، غير أن الأمر تناهى في الأخير إلى بعض الأساتذة الذين قاموا بعد الإطلاع على ما أكتب بتشجيعي، وخاصة أستاذ اللغة الفرنسية آنذاك الذي وجد في ما أكتب ما يستحق أن يعوض من اجله حصته الصباحية لتصبح قراءات شعرية من أشعاري ، وقد جعل من مكتبه الخاص منبري..هذا التشجيع سار على منواله أساتذة وأصدقاء آخرين يحبون الشعر..حيث تمكنت من نشر أول نص شعري في السنة الاخيرة( الثالثة) بكالوريا أنذاك في صفحة إبداع الشباب بمجلة الوطن العربي التي كانت تصدر من لندن أنذاك، ثم وإبان المرحلة الجامعية دعمت هذه البداية بنشر نصوص أخرى في الصفحات الثقافية لبعض الجرائد المغربية.
3 س: هل لديك إصدارات؟
- ج : في واقع الأمر لدي كتابات شعرية وسردية بعضها نشرته والبعض الآخر لا زال ينتظر، أما الإصدارات، فقد أصدرت فقط مجموعة شعرية واحدة من مطبعة المعارف الجديدة بالرباط سنة 2009, وقد فضلت بعدها أن أستمر في الكتابة والنشر أحيانا في مواقع ومجلات إلكترونية، دون السعي وراء إصدارات أخرى، وقد كان هذا مرده بالأساس إلى حرصي الكبير أو ربما ميلي الأكبر إلى تأمل المشهد الثقافي وما يعتمل فيه من شد وجدب وإقصاء بعض من يستحق، وتهميش الهوامش الذي يصعب معها التفكير في إصدارات تؤدي الرسالة التي أريد.
4 س: درجة الوعي عند الشاعر بخطورة الإنتساب بصدق للقصيدة ، تجعله يتهيب السفر في مجهولها.كيف يستطيع الشاعر أن يتقي شراسة المصافحة الأولى مع النص، لحظة الكتابة؟
ج: لا شك أن درجة الوعي هنا امر في غاية الأهمية، فهو الذي يكون بعد ان تبلور في التجربة والممارسة قادر على مقاربة الكتابة الإبداعية كمغامرة على الشاعرأن يخوضها بأدوات وآليات يجترحها من ذاته، وفي مقدمة تلك الادوات ، حزمة الأحاسيس والأسئلة ، رصيده من المعرفة والفكر والفلسفة، التي يجب ان تسكنه يوميا مشوبة بالقلق العارم والصدق الكبير، فأمام هذا الوعي حقا يجد الشاعر نفسه في تهيب دائم لملاقاة سيدة الكينونة، القصيدة الضوئية التي تخطف القلوب والألباب، وهو في ذلك أحيانا يتلمس في ذاته القدرة على أن يجد وبنفس درجة الوعي فسحة اللقاء اللين فيأتيه النص سهلا ممتنعا على طبق من حب ، دون أن أغفل أنه ايضاوفي احيان غير قليلة، تنقلب فسحة اللقاء اللين تلك لتصير موعدا شرسا تتعمق فيها معانات الشاعر أكثر كلما تعثر الوجدان لحظة الإنكتاب في العثور على مدخل مدهش و مخرج ذكي للنص الشعري.
5 س: ما الجدوى من الشعر وغيره في زمن ضمور القيم واستفحال الرداءة؟
ج: مع الأسف الشديد إن الواقع الذي نعيشه اليوم ، واقع ينضح بالجفاء الكثير لصوت الروح، يدير ظهره بصلافة لكل منجز رمزي وجمالي، توجهه ليسير في منحى الحس المادي الصرف، التقليدي والكلاسيكي ذوات تحكمها خلفيات وظروف معينة لا زالت غير مستوعبة لأهمية الإستثمار في المنتوج الرمزي، طرح سؤال الجدوى في الشعر أمر مؤلم، لكنه أمر واقع أيضا ويعود كما قلت للواقع والناس وافتقاد أغلبهم الذائقة الفنية، وليس للزمن، فالعيب في الأخير هو هذا الإنصراف شبه الجمعي عن قيم الإبداع والجمال الذي فتح الطريق على مصراعيه للرداءة، لكن مع ذلك سبحتفظ الشعر بجدواه، لأنه كان وسيبقى كما كتبت ذات مرة في ورقة شعرية : ذلك القبس من النور والنار، تهفو إليه الأرواح والأجساد لعناق جذوة الأمل الشفيف في الحياةوالوجود، سيظل فضاء الإنسان الرحب المفضل يلتجئ إليه من ثقل وعتمة الواقع الذي صار شبيها بهوة سحيقة مظلمة لا بصيص نور فيها.
6 س :الكتابة الشعرية انخراط عنيف في الإنصات لعوامل الداخل المشبعة بالجرح والحلم،تعرية لتضاريس الذاكرة، بشعلة القصيدة. هل تؤمن بأن الشعر قادر على تغيير العالم إلى ما هو أنقى وأصفى في ظل السلم والسلام، بعيدا عن الحروب وقتل الأبرياء؟
ج: في مستهل إجابتي على هذا السؤال أرى من المستحب الرجوع قليلا إلى الوراء، إلى زمن كان للشعر العربي تأثيرا حقيقيا وأحيانا تأثيرا حاسما على مجريات الأحداث، حيث كان صوت الشاعر مسموعا وقادرا من خلال شعره على صياغة وتشكيل أفكار ومثل وحكم وأحاسيس الناس في المجتمع وفق نسق قيم ثقافية معينة تتشكل منها مواقف وطموحات ذلك المجتمع نفسه، لقد شحبت اليوم ثوابت هذه الصورة ، لكن لم تنمحي ملامحها نهائيا، فبرغم وجود اصوات اتخذت موقف عدم قدرة الشعر على تحقيق أي تغيير، وأن ذلك ليس شأنه، فهو منجز جمالي صار اليوم موضوع اهتمام نخبة معينة ومحددة ، وبالتالي لا علاقة له بقضايا التغيير ولا الجماهيرية، لكن هناك من يرى العكس ، وظل متشبثا بقدرة الشعر على التغير، تغيير الناس في العالم إلى الأفضل برغم الوجود القوي للوبيات اقتصادية، وغطرسة العولمة وما وظفته من آليات للتواصل لتشكيل الواقع وفق أهدافها الخاصة، ومن هؤلاء الشعراء أذكر الشاعرين: برومو. ك.اوبير( شاعر سويدي) والشاعر :جاك هيرشمان ، ( شاعر أمريكي) وهما معا يؤمنان، يبذلان مجهودات جبارة تراهن على الكلمة الشعرية وقدرتها الكبيرة على التوغل بالإنسان عميقا إلى مناطق مشرقة من إنسانيته، حيث من هناك ، من ذاك العمق ينطلق صوت الإنسان شفافا ينشد قيم المحبة والمساواة والجمال والسلم والسلام .
إني أيضا انحو هذا المنحى، منحى من يعتقد إلى درجة الإيمان أن الشعر سيبقى متمثلا لتلك الحيوية المنفتحة على الإسهام والمشاركة بأفق إنساني كوني في التغيير إلى الأفضل، مهما كانت الظروف.
7- س: كيف ترى مستقبل الشعر والشعراء ؟
ج: كيف أرى مستقبل الشعر والشعراء ؟ إنه سؤال يخفي في طياته تساؤلا آخر ، وهو حاضر الشعر والشعراءحاليا ، وبما أنني لست من هواة التعميم دعني أقول لك بأن وضعية أغلب الشعراء غير مريحة، والشعر أيضا لبس في أيامه الزاهية، ولكن ليس أيضا في أيامه الأكثر سوءا، فهناك مجهودات ومبادرات ، لكن تبدوا أنها غير كافية وتشوبها جملة من العيوب ،مثلا يمكن القول أن أغلب دور النشر لا يرون في الشعر إلا سلعة كاسدة ، ولا تحقق الربح ، وسوقها لا يلجه أحد فقد انصرف عشاق الشعر وتنكروا لمعشوقهم، فهم من خلال هذا المنظور يركزون على ما يطلب السوق في عالم الآداب فقط، وهذه رؤية غير سليمة، غير أنه هناك أيضا أسباب أخرى ذاتية وموضوعية متداخلة وأحيانا معقدة تعيق إلى حد ما ازدهار المنجز الرمزي بشكل عام،
وكما هو معروف ، من خلال الحاضر الذي يحمل الكثير من إرهاصات ما سيأتي ، يمكن إذن أن ارى بعض ملامح مستقبل الشعر والشعراء، هذا المستقبل الذي يبدو أنه سيكون في النهاية استمرار لمخاض جديد قديم لحبل يروم أن يكتمل ويستوي على إيقاع نبضات مصرة على الإنتصار للحياة بصيغة إبتكار الجديد على روافد قيم الجمال والحرية و الإبداع المدهش .
8- س: ما هي النصيحة التي تود إسداءها للشعراء الشباب ؟
ج: في الشعر لا أومن بأن هناك شباب وهناك شيوخ، ولكن لا بأس أن أدلي بوجهة نظري بخصوص من يهمه الأمر من الذين يفكرون في أن يكونوا مبدعين وشعراء.
في الشعر لا بد من الموهبة، لكن عليك بصقلها بالبحث والقراءة، وحبذا لو تكن تلك القراءة منتظمة ومنهجية، فالقراءة هكذا كما اتفق لا تساعد كثيرا في جعلك تبلغ النضج الإبداعي الذي يساهم بشكل حاسم في تمثلك لتجربة شعرية إبداعية مغايرة ، تكون فيها انت وقد أضفت للعالم شيئا جديدا جميلا مدهشا لم يأتي به أحد قبلك.
9- س: ما رأيك في المجلات الإلكترونية التي تعنى بالثقافة والأدب، وكيف تميز بين الغث والسمين في نشره؟
ج : دعني أقول لك هنا أن المجلات الإلكترونية، وجل الوسائط التي تهتم و تشتغل على الثقافة والإبداع وتعمل على نشره، يمكن أن تكون إضافة فعالة وحقيقة في الرقي بالشأن الإبداعي أو العكس، مثلا في أوروبا يمكن من خلال هذه المجلات والوسائط أن نتحدث عن أدب رقمي حقيقي فعال يواكبه نقاد بحيوية وجدية، وهذا ما لا يتوفر عموما في أدب العرب لا الورقي ولا الرقمي او الإلكتروني ، مع ذلك يجب الإعتراف أيضا لهذه المجلات الإلكترونية العربية بدورها الثقافي والمعرفي والإبداعي الهام في تقديم أقلام تقترف الإبداع الحقيقي ظلت مغمورة تواجه الصمت والعزلة، وتعاني الغبن في المشهد الثقافي وبفضل ذلك تعرف القراء والمهتمين عليهم وأصبحوا يواكبونهم ويستمتعون بما يكتبون ، إلا أنه في المقابل يلاحظ على تلك المجلات أيضا نوعا من التساهل الغير المبرر في نشر بعض النصوص الهزيلة؟ لست اعرف الهدف من وراء ذلك، لكن التمييز أعتقد بين الغث والسمين في الشعر والأدب والإبداع عموما هو أمر يمتلك ناصيته القارئ الحاذق، فهو في الأخير قادر بحاسته وادواته على أن يصنف النصوص المتميزة او تلك التي لامست على الأقل الحد الأدنى من الإبداع التي يشفع لها في أحقية البحث عن قارئ محتمل، وبالتالي أحقية النشر
10- س: هل هناك صعوبات في نشر ديوان شعري، وما يواكبه من مشاكل دور النشر، عزوف القراء متابعة الكتاب الورقي بعدما التهمتهم شاشة الفضاء الأزرق؟
ج: بالنسبة لنشر ديوان شعري، يظل أمرا متاحا مادام النشر سيكون على نفقة صاحب الديوان، لكن عموما يصبح الأمر صعبا نوعا ما حين يرغب الشاعر أن تنشر له دار نشر، لأن أغلب دور النشر غير متحمسة لنشر أعمال شعرية خاصة لأسماء جديدة، وتكتفي بهامش المغامرة فقط مع أسماء معروفة، ناهيك على أن دور النشر وكلما تعلق الأمر بديوان شعري فإنها تتقاعس على توزيعه، فالأمر في الحقيقة هو نوع من العزوف، عزوف الناشر قبل القارئ، وهذه الصعوبات والمشاكل والمعاناة هي التي ساهمت بشكل ك٨بير في التعاطي للنشر الإلكتروني، والإكتفاء على مستوى القراءة بالمكتبة الإلكترونية أيضا، فهي قادرة على أن تشفي الغليل وتكون بديلا للكثيرين أمام غلاء الكتاب الورقي، ونوع من العجز التي أبدته معارض الكتب .
10- س: هل هناك صعوبات في نشر ديوان شعري، وما يواكبه من مشاكل دور النشر، عزوف القراء متابعة الكتاب الورقي بعدما التهمتهم شاشة الفضاء الأزرق؟
ج: بالنسبة لنشر ديوان شعري، يظل أمرا متاحا مادام النشر سيكون على نفقة صاحب الديوان، لكن عموما يصبح الأمر صعبا نوعا ما حين يرغب الشاعر أن تنشر له دار نشر، لأن أغلب دور النشر غير متحمسة لنشر أعمال شعرية خاصة لأسماء جديدة، وتكتفي بهامش المغامرة فقط مع أسماء معروفة، ناهيك على أن دور النشر وكلما تعلق الأمر بديوان شعري فإنها تتقاعس على توزيعه، فالأمر في الحقيقة هو نوع من العزوف، عزوف الناشر قبل القارئ، وهذه الصعوبات والمشاكل والمعاناة هي التي ساهمت بشكل كبير في التعاطي للنشر الإلكتروني، والإكتفاء على مستوى القراءة بالمكتبة الإلكترونية أيضا، فهي قادرة على أن تشفي الغليل وتكون بديلا للكثيرين أمام غلاء الكتاب الورقي، ونوع من العجز التي أبدته معارض الكتب بشكل عام في أن تكون في مستوى انتظارات وتطلعات القارئ.
11- س: كلمة ختامية.
ج: في ختام هذا الحوار أشكر الشاعر والإعلامي حسن مستعد على استضافته لي ضمن حلقات " لقاء مع أديب" التي تشرف عليها مجلة " دوائر ضوء ، التي تستند في عملها إلى رهانات المساهمة الفعالة في المشهد الثقافي في شقه الإلكتروني من خلال التعريف بالكتاب العرب ونشر إبداعاتهم، شكرا جزيلا وشكرا لمجلة " دوائر ضوء " التي أتمنى لها التوفيق والتألق.
المحاور : بدورنا نشكركم شاعرنا و أديبنا ، على سعة صدركم و طهارة ضميركم ، و ألف ألف شكر ما نثر خاطركم ، دمت متألقا كعادتك.
نختم هذا الحوار أحبائي و حتى نلتقي ، أترككم مع قصيدتين للشاعر خالد الدامون أتمنى أن تنال سكينة مشاعركم ...!
مثل طفل يجرب الأشياء أول مرة!
----------------------
1
مثل طفل يجرب
ان يلعب الغميضة اول مرة،
أظل نهارا خلف الباب الموارب،
ليلا أحتمي من تهور العالم،
أفتش عني، لا اجدني، ربما
قد اكون هناك نائما تحت السرير!؟
2
مثل طفل يجرب
ان يرسم بالألوان اول مرة،
أعد الواني وأعيد العد ، أسال:
اللون الأبيض مثلي دون أثر ،
لماذا لم يهيئوا له ورقة سوداء؟
اللامساوات بين أقلامي الملونة تقلقني،
عوض ان ارسم ارتبها من جديد في العلبة
تبدو لي متساوية هكذا فأستريح..!!
3
مثل طفل يجرب
أن يلعب الشطرنح اول مرة ،
أخطئ في نقلة الفيل،
انسى كيف يقفز الحصان،
انهزم دون ان ابدا المعركة،
أتعلم الدرس الاول:
ما أصعب ان لا تجيد اللعب مع الحياة!
4
مثل طفل يجرب
أن يشرب الدخان اول مرة
أهرب لأتوارى عن العالم
فوق سطح البيت !
5
مثل طفل يجرب
الحب اول مرة من امراة تكبره في اللهفة،
أرتعش من عرائها الواثق من نفسه
حد الغيبوبة!
6
مثل طفل يجرب
ان يكون مختلفا في النزوة العابرة..
ان يثمل في حضن صديقة اول مرة،
أدخل الخمارة..
أصطاد القصائد من افواه الكؤوس والنساء!
7
مثل طفل يجرب
ان يكتب رسالة غرام اول مرة،
أعانق طيف الحبيبة في الورقة البهية،
تتلعثم الأبجدية في قلبي
أمزج أنفاسي الحارقة بحبري..
ويكتبني في سيرة اللهفة الرماد..!
8
مثل طفل يجرب
ان يشعل شمعة اول مرة
أبدد حبات علبة الثقاب كاملة
وكم أفلح في إحراق أصابعي المتعطشة للضوء!
9
مثل طفل يجرب
امتطاء سنم الموج اول مرة،
أتردد في الرهان علي..ان اكون بحارا..
أغرق قبل ان أعوم!
10
مثل طفل يجرب
لغة فنون الحرب اول مرة،
تتلعثم قدماي..ذراعي بلا حماس..
المايسترو يصرخ بحرارة:
للدفاع عن أبجديتك..عليك بلغة الهجوم !
١11
مثل طفل يجرب
ان يصطاد الطيور اول مرة
أقضي وقتا طويلا أفتش عن الدود..
وأنا أهيئ..ينفلت عقرب الفخ..طق ..ط...ق.
شجرة الدفلى تضحك..
أصابعي الشقية تئن بين فكي المصيدة!
12
مثل طفل يجرب
عالم النحل أول مرة
أنظر بدهشة لقبلة اليعسوب على خد البنفسج
أقترب أكثر للعسل..
أفوز فقط بعضتين امر من العلقم ..وانصرف.----------------------------------------------------------------
من غرفة إلى أخرى أسافر.. !!
----------------------------
1
لا أنتظر شيئا ، منشغل بحماية
أحاسيسي الصغيرة من التلف،
الزمن سيد القسوة ، لا تنبض في سيرورة مجراه أشياء جميلة مثل الألفة،
أنأى بي بعيدا ، لا انتظر شيئا، تلك طريقتي
في أن تنبثق من صدر الزمن عاشقة مستحيلة، وتنتظرني..!!
2
أجلد الإنتظار بالتجاهل،
أتوهم أني أحتال هكذا على الزمن الذي يجلد الجميع
أقدامي المجازية ربما هي السبب
تساعدني على ان اكون في عدة أماكن في نفس اللحظة
أقف في وجه مرايا الصدفة،
تنسخني اوجها اخرى لحيوات تتقمص روحي،
أحيانا أترك الجميع ينتظرون أن تشرق وجوههم في المرايا
أتسلل في الظلام ، أغوص في النهر وانا حريص ان لا يجرفني إلى الغرق! حيث شاطئ النجاة أحيانا
ليس أكثر من ساحل كبير للإنتظار !
3
الحياة هكذا ..
وانت لا تنتظر أحدا..
لا تنتظر شيئا..الحياة جميلة،
لكن أبدا ليست أجمل من موعد غرام غير منتظر
تتقاسم فيه سندويشا لذيذا للأبدية
مع حبيبة عابرة !!
4
على غير ما أبدو عليه ،
ابتسامتي مقاومة الروح لأشباح اليأس
تركض متجهمة في أعماقي،
أنا متشائم حد الأمل العريض في الحب،
في حقول الحنين التي تركتها ورائي للعصافير
في الطفل الذي لا زال يلهو باالمعنى المأساوي للزمن
على ظهر أرجوحة!!
5
من غرفة إلى غرفة أسافر..!
أجرب معنى آخر للمنفى،
في كل المحطات يصر التشاؤم أن يربت على كتفي..
وأنا أفكك كتلة القلق إلى جمل تحلق بي
يسألني أمام دهشة الورق:
من أنت أيها الخيال؟
ومن أي أمل ولدت؟
ما بعد الحداثة هذا..
أحيانا ضيف ثقيل على قلبي
يفتش في كل غرف بيتي ولا يجدني !
كيف أكون شاعرا وأنتصر بالتشاؤم للإنسان؟
7
لست من هواة من يعرفون مسبقا ان الأفق مسدود..
الطريق نفق مظلم يلفظ أنفاسه في هاوية،
ومع ذلك يمضون..
كم في هذه المغامرة من هراء..من عبث..!
8
يا سيد " نيتشه" في مغارة "زرادشت"
أنت شاعر فيلسوف بشاربك الكث العظيم،
بنظرتك الإنسانية الحزينة في متاهات التأمل..
كنت عاشقا ..حنونا ..تلهب احاسيسك رقصة العشق
كيف انتهيت إلى قتل الذات..
صلبت إله الحب أمام أعيننا ؟
ومضيت باكرا إلى الخلود في التاريخ !؟
-------------------------------------------------------------------------
* خالد الدامون.
Commentaires
Enregistrer un commentaire