الطابق رقم 30 ، عنوان القصة القصيرة للكاتبة الشابة لبنى زهواني . نشرت و وثقت بالمجلة
توصلت المجلة بقصة قصيرة ، للشابة لبنى زهواني من المغرب .
بقصة قصيرة بعنوان :
" الطابق رقم 30 "
صبيحة يوم، أشرقت فيه الشمس فأرسلت مع نورها حرارة شبه مرتفعة ، كانت ريم على متن الحافلة ، هي فتاة تبلغ من العمر تسع عشرة سنة، صاحبة وجه مستدير ، يشع من عينيها البنيتين بريق مضيء، أنفها دقيق صغير كأنها من الأميرات، تملك جسما رقيقا رشيقا كفراشة تمرح في حديقة ، باطنها ليس أقل إشراقا وجمالا من ظاهرها ، طالبة جامعية في سنتها الأولى، كانت ريم متجهة الى المدينة التي ستدرس فيها ، حيت قام أحد أقاربها باستأجار بيت مفروش لها ، ها هي قد وصلت ، أخدت نفسا عميقا مع ابتسامة تزين وجهها، كأنها ترحب بنفسها في تلك المدينة الغريبة عنها ، استلقت سيارة أجرة مباشرة إلى بيتها الجديد، وصلت إلى المبنى بسرعة أو هكدا تبين لها ، فطيلة الطريق وهي منشغلة بالنظر إلى إلى جمال وأناقة المدينة ، استقبلها حارس المبنى، رجل مسن ، دات شوارب بيضاء و ملامح حادة ، فور رؤيته الكم الهائل من الأغراض التي تحملها فهم أنها مستأجرة جديدة، سألها في أي طابق؟ أجابت " الطابق رقم 30 " ، شحب لون وجهه فور سماعه ما قالته ، تم أردف قائلا بتردد :" كنت أود حمل الأغراض معك لكن، هناك من أرسلني لشراء بعض الاشياء " تم اختفى ودهب ، شعرت ريم بغرابة فيه ، بدا لطيفا معها فانقلب فجأة، لم تكثرت لأمره كثيرا بل همت في حمل أغراضها إلى المنزل، هاهي أمام عتبته يبدو من الخارج أنه قديم له تاريخ، وهو الوحيد المتواجد في داك الطابق ، فتحت الباب بصعوبة بعد أن حاولت مرارا وتكرارا فتحه، دخلت البيت هناك غرابة ما فيه ، كأنه مغلق مند سنين أو قرون، يتكون من مطبخ، غرفة نوم ، حمام وصالة صغيرة ، كل زاوية فيه تحمل حكاية وغرابة ، بعد أن تعرفت على البيت جلست في أريكة لتستريح فقد غلبها التعب، لحظات مرت فإدا بهاتف يرن، تفقدت هاتفها المحمول ليس هو ، مهلا إنه الهاتف الأرضي للبيت، اتبعت الصوت ووجدته داخل غرفة النوم ، وضعت السماعة على أدنيها فإدا بأصوات غريبة تسمعها " لا تفعلي أرجوك .....لا تفعلي ..." وشخص آخر يرد من نفس الطرف:" لا بل سأفعل......" تم انقطع الخط للحظة تم عاد لكن هده المرة كان مخاطبا ريم: 《 ساعديني ساعديني أرجوك......ساعديني...》 لم تفهم ريم شيئا، لكن ما أثار انتباهها أن الهاتف غير متصل بالكهرباء ، كيف هذا؟ لازال الصوت يستنجد بها " ساعديني ساعديني... ساعديني......" ، فجأة، استيقظت ريم لقد غفوت أثناء جلوسها ، لم يفارق الحلم دهنها ، فسرعة ما قالت بسخرية ولا مبالاة:" إنه مجرد حلم ، كيف لهاتف أرضي أن يشتغل دون ربطه بالكهرباء ..." ، لكن المفاجأة أن الهاتف يرن ، هذه المرة ليس في الحلم بل هو فعلا يرن ، اتبعت الصوت ووجدته داخل غرفة النوم كما في الحلم ، سمعت نفس الأصوات، والهاتف منفصل تماما عن الكهرباء حتى أنه من مظهره واضح لم يستعمل مند سنين، كادت ريم أن تجن، كيييف؟ خرجت الى الشرفة لاستنشاق الهواء قائلة لنفسها:" يبدو أنني اتوهم، الحلم أثر بي فعلا ..." حاولت ريم تجاهل الأمر مقنعة نفسها أنها تتخيل ، مرت الليلة الأولى هادئة ولا جديد فيها ،
في اليوم التالي، قررت ريم تنظيف البيت ، بدأت من المطبخ تم الصالة والحمام، وبينما كانت تنظف هذا الأخير بدأ الضوء في الارتعاش، تارة ينقطع وتارة أخرى يعود ، ظنت أن المشكل في المصباح ووقفت تتأمله وفي نفس الوقت ألقت نظرة على المرآة وحصل ما لم تتوقعه، لم ترى انعكاسها أبدا، بل امرأة ما في التلاتينات من عمرها تحمل سكينا ملطخا بالدم ، كأنها ارتكبت للتو جريمة ما ، كانت ريم تائهة بالفعل ، كلما نظرت إلى الحمام لم ترى تجد شيئا سوى هي ، لكن المرآة تقول شيئا آخر ، بدأت ريم في الارتعاش وشحب لونها وفقدت الوعي ، مرت ساعة تقريبا وها هي تستفيق، كانت كلما تدكرت ما حدث وما رأت تزداد سوءا أكثر ، استجمعت نفسها بصعوبة وحاولت نسيان ما حصل ، حل المساء وريم ترتب أغراضها في الخزانة ، أثار انتباهها صندوق صغير داخل الخزانة ، أخرجته وفتحته خرج منه تلات صور ، الأولى لطفلة صغيرة يمكن أن تبلغ من العمر تسع سنوات، دات وجه جميل ناعم، وصورة أخرى لنفس الطفلة مع رجل يبدو أنه أبوها، وآخر صورة كانت لنفس الرجل مع امرأة ربما تكون زوجته ، لكن لا وجود للطفلة ، تلك المرأة لم تكن أول مرة تراها فيها ريم ، لكن أين ؟ كاد قلب ريم أن يتوقف ، نعم إنها هي ! نفسها التي ظهرت في المرآة، نفسها التي كانت يديها ملطختان بالدماء ، أين هي الآن؟ وفي حق من ارتكبت الجريمة ؟ ومن تكن الطفلة؟ ، لم تنتهي من طرح أسئلتها حتى شعرت بحرارة جسم يقترب منها ، ألقت نظرة فإذا بنفس الطفلة المتواجدة في الصورة واقفة أمامها،
ريم :" من أنت ؟ ومتى دخلت البيت؟ " لم تجبها أبدا، وإنما استمرت في النظر إلى الصور بين يدين ريم، نظرات تملئها كراهية و غضب حلت محل برائتها، تم قالت :" إن كنت مثلهم فادهبي من هنا !"
ريم بصوت متقطع:" م...ث...ل من...؟"
الفتاة:" هي السبب.... هي الفاعلة... هي السبب...!"
فهمت ريم أنها تقصد المرأة من خلال النظرات التي ترمقها بها، نسيت ريم نفسها وسألتها:" أهي والدتك أم ماذا؟ من تكون ؟" أحست ريم بدوار شديد في رأسها لا تدري سببه ، في رمشة عين اختفت الطفلة من أمام ريم ، بحثث عنها في كل البيت لا أثر لها، توقفت للحظة سائلة نفسها هل هي حقيقة أم خيال؟ أين هي ؟ عاصفة من الأسئلة تهب في رأس ريم ، الأصوات الصادرة من الهاتف ؟، المرأة، الطفلة الصغيرة....، خرجت مسرعة و أنفاسها كادت أن تنقطع، لولا ان رآها الحارس فأتى مسرعا إليها، هل أنت بخير؟
ريم :" لا لست كذلك ...."
الحارس بصوت لا يكاد يسمع:" كان واضح مند البداية ماذا سيحصل، فلست الأولى ولا الاخيرة "
ريم :" واضح أنك تعرف أشياء حول هذا الطابق، ماذا تعرف؟ "
الحارس قائلا بعد مدة ليست قليلة:" قبل عشر سنوات، في داك البيت الموجود في الطابق رقم 30 ، تعيش عائلة صغيرة ، أب ، أم وطفلتهما، مرت الأيام فإدا بالأم توفيت لأسباب صحية، وجد الأب نفسه وحيدا في تربية ابنته، معتقدا أن تزوج سيخف عبئه، لكن زوجة الأب غالبا ما تكون قاسية تجاه أبناء زوجها، و...."
قاطعته ريم قائلة:" هل تمارس عليها العنف أم ماذا؟"
الحارس:" لم نراها يوما أساءت لها ، لكن ليس كل ما نراه حقيقة ، في ليلة كانت مرعبة للجميع، الطفلة دات تسع سنوات انتحرت من الشرفة، تفاجأ الجميع وعلى رأسهم أبيها المسكين ، كيف لفتاة أن تنتحر؟ ماذا تعرف عن الانتحار لا شيء ، إن كان كل همها اللعب والحصول على لعبة تتسلى بها ، لكن الحقيقة لا يدري بها أحد، هناك كلام شائع بين الناس أن الزوجة هي الفاعلة نتيجة غيرتها من الطفلة ، لكن الحقيقة لا يدري بها أحد، مرت على الحادثة أقل من شهر والأب انتحر هو الآخر ، بقطع عروق يديه، استمر التحقيق لمدة طويلة ، كشف من خلالها أن الزوجة دخل ، وبين ليلة وضحاها نقلت الى مصحة نفسية جراء كل ما حدث بعدها أغلق البيت نهائيا وكذلك التحقيق "
ريم :" وبعدها؟"
الحارس :" تفاجأنا يوما بعائلة استأجرت البيت ، لكن لم تمر على استقرارهم يومان ذهبوا، ليست عائلة واحدة فقط بل الكثير أتى قبلك ، يقولون أن الطابق تسكنه أرواح ، أصوات ، خيالات وأشياء كثيرة غريبة فيه، أصبح الطابق رقم 30 عدو البناء بأكمله، لا يقدر أحد على الدهاب او الدخول إليه، فقط من لا يعرف يستأجره. "
ريم وهي شارد الذهن:" نعم لقد صدقت الفتاة في قولها ، أنها السبب في كل هذا ، هي تقصد أن زوجة أبيها من رمتها من الشرفة وهي من قتلته ، وتبين أنه انتحر، أداة الجريمة هي في الحمام أخفتها هناك لقد رأيتها "
الحارس :" من أخبرك وأين رأيتها؟"
ريم :" الطفلة هي من أخبرتني، والزوجة رايتها في المرآة، رأيت انعكاسها ويديها ملطختين بالدماء، لقد أخفتها في الحمام ، متأكدة هيااا لندهب الى مركز الشرطة هيااا.."
دهبا مرعسان الى مركز الشرطة وهناك استقبلهما شرطي ، أسرعت ريم قائلة له :" حضرة الشرطي هناك ما نود اخبارك بيه أنا وحضرة الحارس " نظر الشرطي الى الفراغ بجانبها قائلا :" مع من ؟"
أشارت باصبعها الى الحارس قائلة :" انا والحارس "
تبادل الشرطي هو وصديقه نظرات استفهام وغرابة ، لم يكن هناك لا رجل بجانبها ولا شيء ، كانت لوحدها فقط ، بدأت تقص عليهما كل ما حدث مند وصولها للمدينة ولداك الطابق اللعين، وأن المرأة هي الفاعلة المجرمة، وحدثثهم عن مكان اخفائها للأداة، دهبوا معها جميعا للبيت بإصرار منها ، فور دخولها للبيت ، ظهرت الفتاة، أسرعت ريم إليها قائلة :" انظري ها قد أتت الشرطة وستساعدك في انتقامك من تلك الخبيثة، "
سألها شرطي :" مع من تتحدثين "
أشارت إليها قائلة:" الطفلة التي انتحرت ، لكن الحقيقة مختلفة "
الشرطي :" لا وجود لأي فتاة هنا !"
فجأة لمحت رجل قد مر من أمام البيت ، فاستدعته قائلة له :" أترى تلك الفتاة في الزاوية هناك، التي تنظر إلينا، أرجوك قل لحضرة الشرطي أنك تراها، "
الرجل " أي فتاة؟ وأي شرطي؟ "
نظرت ريم الى الأرجاء فاستغربت، لم تكن هناك طفلة ، ولا شرطة وبالاحرى لم تكن في بيت ، بل في مكان شبيه لحديقة، سألت الرجل مرة أخرى
:" من أنت ؟ وأين نحن ؟ "
الرجل:" أنا طبيبك، وأنت الآن في مصحة عقلية، في حديقة المصحة، "
ريم :" مستحيل فقد كنت في الطابق ...."
ريم :" الطابق رقم 30 ،"
قالت الممرضة وهي المكلفة بإعطاء ريم أدويتها:" إنها المرة الألف في حالتها هذه، هل تعلم أنني أتساءل في كثير من الأحيان ، هل ما تقوله صحيح أي حول الطابق والبيت والطفلة وكل شيء ، هل من الممكن أن يكون حقيقيا؟"
رد الطبيب وهو ينظر إلى ريم وهي شاردة الذهن، قائلا
:" لا أحد يعلم ..." .
النهاية.
بقلمي لبنى زهواني.
Commentaires
Enregistrer un commentaire