نداء الكاتب المغربي حسن مستعد ، لأدباء العالم العربي ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء .


يا أدباء العالم العربي ، إتحدوا ...

هناك صرخات في بحر الفايس المتلاطم الأفواه ، صرخات من أدباء هدهم التعب و المرض و الإقصاء ، و التهميش، و البطالة المقنعة .
صرخات تنشق لها سماوات وطننا العربي ، من الماء الآسن إلى الهواء الملوث ، بفعل المحسوبية و الزبونية ، و التزلف و الإنبطاح على بساط بلاط السلطة .
هناك أدباء كما سماسرة الشعوب أثرياء بفعل الرياء ، عرفوا من أين يؤكل مخ القائمين على شؤون الثقافة ، و من أين يمروا إلى مخادع السلاطين . و أدباء ، ركبوا تحدي عزة النفس ، و ألقوا برصيدهم في الرصيف الآخر ، و ابتعدوا عن التصفيق ، لأن اليد الواحدة لا تصفق ، و اليد الأخرى مشغولة بالإبداع .
يعانون في صمت و في جهر ، توحدهم مأساة واحدة هي الخصاصة .
هي انفرادات أدباء ، و ليس اتحادات أدباء ، لا تلتفت لأعضاءها و لا لغير أعضائها ما دامت توحدهم قبيلة الأدب .لكنهم متفرقين ، يجرون لاهثين كعدائي المسافات الطويلة ، همهم الوصول إلى خط النهاية ، و التتويج بالمكافآت السمينة و السفريات.
لا يلتفتون لأصدقائهم و بني عشيرتهم ، و لا يؤازرونهم و لا يقفون معهم في أحلك المواقف .
قس على ذلك دور وزارات الثقافة ، التي فقدت حاستي السمع و النظر ، و احتفظت بحاسة الشم ، لشم عطر الإطراء و جس نبض حرارة المبدع ، لتنتقي من يسايرها في حمقها و تهورها ، و تقربه إليها و تغدق عليه من رضاها . و تنسى أنها وزارة للجميع لا فرق بين أديب يمدح و آخر يجنح .
أذكر بعض النمادج ليس على سبيل الحصر ، و إنما اللائحة طويلة و ملأى بالصراخ و الضجيج و الأنين .
في مصر المحروسة ، لا من يحرس الأدباء و يستمع لأنين مرضهم و شكواهم بقلة ذات اليد ، كم من منشور و رسالة رفعت إلى حراس الثقافة لإيجاد سرير بمستشفى ، لطبع كتاب ، للإلتفات إلى موت الأديب ببطء كلينيكيا و سريريا . و لا حياة لمن تنادي ، كأنهم ينحتون في الماء .
في تونس الياسمين ، ليس سوى الأنين ، الصديق الروائي التونسي الأمين السعيدي ، جف حلقه ، و الحمد لله لم يجف قلمه ، ما فتئ ينادي و يصيح و يصرخ بدون كلل و لا ملل ، و وصلت أصداء الصوت بسرعة الضوء إلى رئاسة الجمهورية ، متجاوزة سلم الترتيبات من إتحاد الأدباء و وزارة الثقافة ، و وزارة التربية و التعليم.
مأساته أنه يعيش بطالة مقنعة ، و لو أنه يشتغل مدرسا بالمدارس الخصوصية ، و التي مزاجها كالذين رفع عنهم القلم ، فبجرة قدم سيجد نفسه خارج التغطية بدون رصيد و لا مورد للعيش.
هو فقط يطالب بإدماجه في التعليم العمومي لا غير ،ليضمن مستقبلا يحفظ له كرامته و مدخولا قارا ، ليتفرغ لتدريس الأجيال و مواصلة إبداعاته دون هاجس الخوف و القلق من الغد ، رغم أن الغد في علم الغيب و في يد الخالق عز وجل .
أتمنى ، و كم من التمني أصبح تجنيا على أحلام توؤد قبل أن تولد ، من الأدباء في عالمنا العربي أن يلتفتوا لبعضهم البعض و يتكتلوا و يتآزروا و أن يكتموا صرخات بعضهم البعض بالتضامن و مد يد العون والمساعدة ، و إبعادهم عن تسول فتات الأنظمة العربية ، بغض النظر عن هذا من هنا و هذا من هناك ، و لا يكونوا ضحية السياسة الممنهجة ضدهم من تهميش و ظلم و تكميم الأفواه ، إتحادكم و نضالاتكم المستمرة ، ستؤتي أكلها و سيرضخ لها أصحاب الأبراج العاجية . أنتم القدوة ، و لسان حال المجتمع ، و النخبة القوية التي ينتظر الجميع تدخلاتها الحاسمة ، من أجل تغيير واقع الإجهاز على التعليم و الأخلاق و القيم و الجهل .
فلا تقدم و لا حضارة بلا علم ، بلا ثقافة ، بلا أدب و بلا فن .
تقدموا فأنتم الأعلون !...

الكاتب المغربي حسن مستعد

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

نص الحوار الأدبي ، مع أيقونة جربة ، الشاعرة التونسية حياة بربوش ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب

حوار مع الشاعر و الإعلامي الكردي السوري مروان شيخي ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة

نص الحوار الأدبي مع الفائزة في المسابقة العربية للقصة القصيرة، القاصة المصرية ريهام حمدي إسماعيل ، منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب