حوار مع الشاعرة اللبنانية وفاء أخضر فياض ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب


مجلة دوائر ضوء للثقافة والأدب. http://majalatdaouairda
oua.blogspot.com

مدير النشر و رئيس التحرير :
الكاتب المغربي حسن مستعد

فقرة حوار مع أديب :

الكثير يقال عن بلدة الزرارية حبيبة الليطاني ، فهي حاضرة دائما على المستويات كلها ، بلدة لافتة ببساتينها و طبيعتها ، بقصورها العامرة بجمعياتها و مرافقها المتنوعة.
تتميز بموقعها على هضبة شمالي الليطاني ، محاطة بأودية و هضاب عديدة تزنرها من كل جانب . تتبع لقضاء ، صيدا و ترتفع عن سطح البحر حوالي 300م ، و تبعد عن بيروت 81كم و عن مركز المحافظة و القضاء صيدا 28كم . يبلغ عدد سكانها حوالي 15000 نسمة.
هذا الإسم الآرامي أو الفينيقي أو العبري، له ثلاث دلالات : فهي تعني في الآرامية، الشوك و الورد و المحاربين.
إنها قلعة المقاومين و كعبة الشهداء و الأحرار . ألم تنطلق أول شرارة استشهادية، من ابنة عنقون من هذا الجنوب الثائر و النهر الهادر ، سناء يوسف محيدلي ، ذات عشر سنبلات و سبعة أخرى ، و عينان مشتعلتان جمرا ، و حلم يزيح المحتل من البلد ، حين قامت بعملية استشهادية ضد جيش الإحتلال الإسرائيلي ، ذات 9 أبريل 1985 .

وفاء أخضر فياض ، هي ابنة هذه الأرض المتمردة المقاومة الصامدة ، التي أعطت و لا تزال تعطي دما متوقدا و فكرا متوهجا، ليس للبنان فحسب بل للأمة العربية كلها .
و فاء أخضر ، مجبولة بفطرتها على حب الأرض و نكران الذات ، و الجهاد الدائم في سبيل التغيير نحو الأفضل ، و من هنا جاءت أغلب قصائدها الفلسفية، و هي ( أستاذة للفلسفة ) تلميحا عن مشاكستها و اعتراضها منظومة إجتماعية بدأت تنحرف عن مسارها الصحيح .
و فاء كما كل اللبنانيين ، تحلم بلبنان بدون لصوص ، لا تتوانى في الخروج في المظاهرات المطالبة بالتغيير و الخروج بلبنان من جيوب السياسيين المنتفخة بنهب خيرات البلد .
هذا التلون و التنوع في شعرها ،يعكس ثراء ما تمتلكه من أدوات و خيال واسع ، و مقدرة و تمكن من اللغة و بساطة و سلاسة في الأسلوب.
تجربتها في الحياة و شخصيتها المتمردة كأنثى ، جعل من أسلوبها الشعري كحصان بري جامح، لكنه حصان أصيل و ليس هجين .
وفاء قامة بادية لكل عين ، منارة عالية لكل مهتدي ، قصيدة جارية على كل لسان .
حسناء ، جميلة ، مغرية ، مفخرة ثابتة لبنانية، إحساسها جميل مرهف، إبتسامتها تسيل على الدوام ، مرحة رغم القلق ، منشرحة رغم الحزن . ما إن تطل عليك صورتها ، حتى تشد إليها ، تلقى نفسك أسيرا في جدائل شعرها و في حدائق قصائدها ، مفعما بألوان المحبة ، موثقا بخيوط الإعجاب.
إن أحببت وفاء فلا بد أن تحب شعرها ، فوفاء هي القصيدة و القصيدة هي وفاء ، علاقة تماه و انصهار و وحدة .
هي زمردة الشعر و الشعراء .
قدرتها على انتهاك حرمة اللغة و كسر هدوئها لتصبح صخبا ، جلبة ، ريحا ، برقا ، و ما شاءت قوافيها من رعود المعنى المهيب . مثلما تجلد ذاتها لمعرفتها أعمق ، تجلد لغتها لإدراكها من أقصى استحالتها.
لا أقرأ شعرها ، بل أحدق في العين التي صاغته ، في القلب الذي أوقده ، في المخيال الذي اجترحه ، ثم ألوذ بها لأفهم كيف يكون الشعر احتراقا بالمحال ، و ارتفاعا من انخفاض ، و اندغاما في زوايا فادحة .

هي ذي وفاء أخضر فياض ، ضيفتنا هذا المساء في فقرة حوار مع أديب .

- أهلا بك أستاذة وفاء في هذه الجلسة الحوارية ، بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب.
يسعدني و يشرفني أن أكون محاورك .

- سعيدة جدا بكم و بأحبائي و قراء المجلة
و أعتذر كثيرا عن التأخر...
كنت عاجزة عن امتلاك وعيي ...بسبب الظروف حولي..

- نتمنى الشفاء العاجل لوالدك ، و أن يعود إليكم سالما معافى.

1 - س : وفاء أخضر كشاعرة يعرفها الجميع ، لما لها من حضور وازن على الساحة الثقافية و الشعرية بالخصوص ، نريدك أن تحدثينا عن وفاء أخضر ، من هي ؟

- ج : لمّا أسأل عن وفاء أخضر، أشعر أنّني أسأل عن أحد أعرفه جيدا وكذلك لا أعرفه البتة،أنا بالعموميات أشبه أيّا كان، ولا أعرف إذا أنا فعلا موجودة على الساحة الثقافية، في ظل هذا التيه وهذه الجلبة التي يعيش في خضمهما العالم العربي.بما يخص التفاصيل الروتينية؛ اسمي وفاء أخضر، مجازة في علم النفس وفي آداب اللغة الفرنسية. أدرس مادة الفلسفة وكذلك أعمل كمرشد تربوي فيها. أنا من لبنان الذي بات جرحا ...وتحديدا من جنوبه الذي لم أر سماءه صافية حد الآن. أكتب ...وربما ما أكتبه هو شعر ...أكتب لأشعر أنني حقيقية. صدر لي مجموعتان شعريتان:

لست بخير أبدا
في فمي بريق
وعندي مجموعة ثالثة قيد النشر وكذلك رواية أعمل على تنقيحها.

2 - س: لكل شاعر طفولة رافعة بالحب و الشوق ، فما هي أبعاد طفولة الشاعرة ، و كيف التقت بكراسة الشعر ؟

- ج : أذكر أنني شغوفة بالحياة، بكل ما فيها، عاشقة لموسيقى الكون رغم أصوات المدافع التي أخافتني مرارا إبان طفولتي...كان العالم حولي مقفلا، بسبب الحرب والفقر والجهل ...وكان الكتاب كوّتي إلى الحلم والنور. كنت أقرأ...وأول ما أحببت، أحببت ابن الرومي كشاعر ومع تفتح وعيي قرأت نزار قباني ودرويش وفيكتور هيغو،وبودلير... وكثيرين. لم أكن أتخيل أنني سأكتب شعرا. كنت أعشق روسو وفولتير وكامي وسارتر ...أحببت غادة السمان في ليل الغرباء وسيمون دي بوفوار...كنت أبحث عنهن وعني ...

3- س : البعد و الشوق و الحرمان ، هي أغلب مفردات الشعراء ،فما هي مفردات شعرك ؟

- ج : لا أعرف إن كنت أراني وكتاباتي بموضوعية، لكن ربما أتحدث عن الموت والله والزمن والآخر والحب والانسان والجسد...أعتقد أن القارئ أكثر قدرة على الإجابة عن هذا السؤال.

4 - س : لكل شاعر بعد ، يميزه عن الآخرين ، ما هي أبعاد قصائد الشاعرة وفاء ؟

- ج : أبحث عنّا ...عن المعنى...لربما أنا أكتب حتى أقول ...أننا لا نقال...

5 - س : هل الناقد هو القارئ الجيد ، لنصوصك الشعرية ،أم الناقد الأكاديمي الذي يملك ترسانة من المصطلحات لتجريبها في النص؟

- ج : سؤالك محيّر ...إذ أنا أكتب وحسب...لا يشغلني إلا أن أقول تجربتي كما هي ...وأثق أن الزبد يذهب جفاء وأن ما ينفع الناس فيمكث في الأرض...لذا تشغلني مسألة تطوير أدواتي ورؤيتي...

6 - س : أنت المرأة الشاعرة ، التي لا قيود لها و لاخطوط حمراء ، التي تعشق أنوثتها و تبوح بها بكل جرأة ، من أين اكتسبت هذه الجرعة الزائدة من الجرأة ؟

- ج : أنا المرأة التي تحاول أن تكون ذاتها ببساطة... وصدق ...
وأعتقد أن الخوف هو عدونا الاشرس في الحياة...أحاول ألا أخشى ذاتي والآخر ...وحسب

7 - س : هل لديك إصدارات شعرية؟ القارئ تواق لمعرفتها .

أنا ألآن أتشوق لإصدار مجموعتي الثالثة...هذا عنّي...أمّا عن القارئ ...فهو الذي يستطيع أن يجيب...

8 - س : في جل قصائدك أنثى تغضب ، تصرخ ، تثور ، تحب ، تكره ، تتمرد ، تقسو ، لكنها شفافة ، رقيقة و قوية لا تستسلم و لا تنهزم ، هل هذه الأنثى هي وفاء أخضر ؟

- ج : هي أنا وهي الكثيرات اللواتي يعشن في أعماقي...
مؤكد أنا أكتبني...وأكتب العالم كما أراه...

9 - س : همسة في أذن الشعراء على كثرتهم و للشباب منهم على كثرتهم أيضا ؟

- ج : أكتب بوعي حر ...ذاتك قبل الدنس..وذاتك الخائفة المدنسة النقية...واقرأ...

مع التحفظ على قدرتي على النصح.

10- س : رسالة شعرية تريدين أن تقوليها للقارئ العربي .

- ج : هذا زمن الشعر ...والشعر وحده كفيل بإنقاذ العالم

11- س : هل كان علي طرح سؤال لم يخطر ببالي ؟

- ج : لا يخطر ببالي أنا..

12 - س : كلمة أخيرة ؟

شكرا كثيرا لك ...

13 - س : هلا سجلت لنا في نهاية الحوار بعضا من قصائدك ؟

كافرة ...ولن أعتذر

الانسان أكثر ما يعشق في هذا العالم، أخوه الانسان لكنه يستبدله بالأشياء والله خوفا و غباء

قُلْتُ للعصفورة:

أنا جائعة ..
وحزينة
وهذه إشارة بَيِّنة...
أنَّني لا زلت حيّة
وأن قِصّة حياتي العجْلى
أكذوبة خبيثة ..
بالآلام تعودين إلهة أولى
وتنجبين.. نبيّا
أصمّ.. أبكم
وإليه يكون اشتياقك
ولا أحد يسود عليك ...

الكاتب الحقيقي تافه واعٍٍ
وحدها صرخاته:
إلهي ..إلهي لماذا خلقتني ؟
إلهي ..إلهي ..لماذا تركتني؟
..تهزُّ ..
عرشَ السَّماء

كنت نُطْفة ..يَقِظة .. فرحة
أصبحت جسدا حزينا خرِفاً
خرِبا ..
نحن رُحَّلٌ أبدا
كلُّ من على الأرض في الحزن والحنين يسبحون..

لما تتكوَّر ..في سريرك
دعْ فمَك يحكي لجسدي
على جسدي
أنك بدوني متشرّد
تائه
تافهٌ
حزين ..

أنا أحبك ..أقولها بحزن شديد
أنا أحبك ...
أقولها وأنا أعرف
أنّي لا بدّ سأهلك أخيرا
أقولها وأنا أعرف
أنّي لا بد سأنجو أخيرا ..
كلُّ من على الأرض في العشْق يسبحون

رَغْم الدَّم المراق .. و إشكالات اللغة
نحنُ لسْنا إلّا آخرَ عاشقا لآخرَ
لسنا إلا آخرَ خائفا من آخرَ

احكِ لي
كيف بكينا لمّا مارسنا الحبَّ
أوّلَ مرّة
وكيف تحولنا جذعاً درِّيّا لشجرة خطيئة مبَاركة
أغصانها تورق وتثمر وافراً
ووفيرا

الله.. حرّم التحريم
وعفى عن العشَّاق
والشياطين
هلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلد وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ؟
لك أن تُقبِّل عينيّ المُجْهَدتين
مرة ..وثلاثا
وحربا غبراء
وأعياداً لا تأتي
وابتهالات من ألف.. لام..ميم


أجنُّ وأقبِّلُك كلَّك ..
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ
يغار منّا عزرائيل وإسرافيل
وميكائيل
ويأخذني جبرائيل
من إبطي ...
هامساً :
هيْت لك ..هيْت لك
الجنّة لك .. الجنّة لك ..

تحبنُّي الآن
ونحيا قرب السَّدْرة
ونكتب على اللوح المحفوظ:
نحن هناك لنجتث الخوف ..
لنمنح العالم
موسيقاه..
عبر أجسادنا الهالكة .. الضئيلة
الطيّبة
وفاء أخضر

- سعدت جدا بك وبأسئلتك ...كلي شكر لك ولمجلة دوائر ضوء .
- و نحن كذلك سعداء بك ، و نشكرك على تلبيتك للدعوة ، رغم أن ظروفك غير مواتية .
فقد خلعت عنك رداء القلق و الخوف ، و ارتديت ثياب الفرح و الحب ، لملاقاة أحبة لك عبر مجلة دوائر ضوء . أحيي فيك إصرارك للحوار يا سيدة التحدي .
متمنياتنا بالشفاء العاجل لوالدك .

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

نص الحوار الأدبي ، مع أيقونة جربة ، الشاعرة التونسية حياة بربوش ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب

حوار مع الشاعر و الإعلامي الكردي السوري مروان شيخي ، نشر و وثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة

نص الحوار الأدبي مع الفائزة في المسابقة العربية للقصة القصيرة، القاصة المصرية ريهام حمدي إسماعيل ، منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب