نص الحوار مع الشاعر المصري أحمد السيد جاد منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب
https://www.facebook.com/daouairdaoua/
مدير النشر و رئيس التحرير :
الكاتب المغربي حسن مستعد
فقرة : حوار مع أديب.
حاوره : حسن مستعد
تمهيد :
المنصورة مدينة مصرية، عاصمة محافظة الدقهلية، وكذلك عاصمة مركز المنصورة. تقع المدينة شرق الدلتا وشمال مصر وتطل على الضفة الشرقية لفرع دمياط بنهر النيل، وتواجه مدينة طلخا مباشرةً، و تبعد عن العاصمة المصرية القاهرة قرابة 120 كيلومتراً في الجهة الشماليّة الشرقيّة.
أنشأها الملك الكامل محمد بن الملك العادل من ملوك الدولة الأيوبية عام 616 هـ ـ 1219م وكان يطلق عليها اسم "جزيرة الورد" لأنها كانت محاطة بالمياه من ثلاث جهات وكانت بها أكبر حدائق ورد في مصر.
وقد سميت بالمنصورة بعد النصر في معركة المنصورة الذي حققه الشعب المصري على الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع الفرنسي.
ظهرت أول خريطة لمدينة المنصورة في نهاية القرن التاسع عشر (سنة 1887م) بمقياس رسم 1: 2000، ويتضح منها أن العمران كان مقصوراً على الرقعة المحصورة ما بين نهر النيل شمالاً والمدافن القديمة (الساحة الشعبية حالياً).
كانت بلدة أشمون طناح التي تعرف اليوم باسم أشمون الرمان بمركز دكرنس قاعدة لإقليم الدقهلية ومقر ديوان الحكم فيه إلى آخر أيام دولة المماليك ولما استولى العثمانيون على مصر رأوا بلدة أشمون الرمان ـ فضلاً عن بعدها عن النيل الذي كان هو الطريق العام للمواصلات في ذاك الوقت ـ قد اضمحلت وأصبحت لا تصلح لإقامة موظفي الحكومة، ولهذا أصدر سليمان الخادم والي مصر أمرا في سنة 933 هـ، 1527م بنقل ديوان الحكم من بلدة أشمون الرمان إلى مدينة المنصورة لتوسطها بين بلاد الإقليم وحسن موقعها على النيل ، وبذلك أصبحت المنصورة عاصمة إقليم الدقهلية ومقر دواوين الحكومة من تلك السنة إلى اليوم.
في سنة 1871م أنشئ قسم المنصورة، وجعلت المنصورة قاعدة له ثم سمي مركز المنصورة من سنة 1881م ولاتساع دائرة المنصورة وكثرة أعمال الإدارة والضبط فيها أصدرت نظارة الداخلية في سنة 1890 قراراً بإنشاء مأمورية خاصة لبندر المنصورة، وبذلك أصبح البندر منفصلاً عن مركز المنصورة بمأمورية قائمة بذاتها.
وقعت في أجوائها معركة المنصورة الجوية في 14 أكتوبر 1973 وتعد هذه المعركة من أهم المعارك الجوية العربية إذ كان لها دور كبير في انتصار مصر في حرب أكتوبر 1973.
هى بلا شك أجمل مدن مصر على الإطلاق، وهى درة التاج الذى يلمع فوق رؤس كل أبناء الدقهلية، فيها أجمل النساء والرجال، حيث العيون الخضر والزرق والشعر الأصفر، لذا فهي بلد السحر والجمال، حيث تسكنها منذ القدم أجمل قصص الحب التى ابتدعها خيال الشعراء، والتى نشأت وشاعت وذاعت فى المنصورة.
هذه المدينة الساحرة ببساطها الأخضر الحاني على أهلها الذين قال عنهم أمل دنقل : "الودعاء الطيبون.. هم الذين سيرثون الأرض فى نهاية المدى".
في هذا الجمال البادخ و السحر الأخاذ ، رضع شاعرنا الجميل ثديها المدرار حليبا و سلسبيلا و أشعارا ، حتى غدا يشار اليه كواحد ممن أسهموا في روافد الفن والأدب و الشعر ، من خلال التزامه و انحيازه للبسطاء الشرفاء للتعبير عن أحزانهم و أفراحهم و طموحاتهم ، و كذا تناوله لقضايا العروبة و الإسلام ، و هو ينتمي إلى مدرسة شعرية أصيلة تحافظ على أطر التجديد داخل القصيدة العربية .
عندما تتطلع إلى صورته تستخلص البراءة و الوداعة و الطيبة و حسن الخلق و هذا ما لمسته فيه و ما شهد له به .
اتصلنا بعدد من الشعراء ليدلوا لنا بشهادات في حقه، لكن لا أحد استجاب رغم موافقتهم على ذلك .
هنا شهادة الصديق الأديب والشاعر المصري محمد فتحي في حق ضيف اليوم :
"شاعر ملتزم، ينتمي إلى مدرسة شعرية أصيلة، تحافظ على أطر التجديد داخل القصيدة العربية، يتناول في شعره قضايا العروبة والإسلام"
كان للمجلة شرف محاورته و تكريمه ، فتحية معجونة بالليلك و سلام مضمخ بالعطر لضيفنا الشاعر المصري الجميل ، أحمد السيد جاد .
- الحوار :
أستاذ أحمد ، سعيد جدا باستضافتك في هذا الحوار التكريمي لك و لعطائك و أشكرك على تلبيتك لهذه الدعوة و حضورك المثمر و الغني .
- أهلا و سهلا ، و لي كذلك الشرف لأكون ضيفا على مجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب و بالخصوص منبرها الأدبي حوار مع أديب .
1- س : أحمد السيد الشاعر هل أثر على أحمد الانسان ، هلا تعرفنا على الإثنين الشاعر و الانسان ؟
ج : الإسم / احمد السيد جاد
من جمهورية مصر العربية من مدينة المنصورة و من المعروف أنها سميت بذلك الاسم إبان الانتصار على الصليبيين فى عهد الملك الصالح نسأل الله أن يرد بلادنا إلى سابق عهدها عصر المجد والانتصارات .. امين
وعملي الحالي هو مدرس جغرافيا وهناك ثمة علاقة ما بين الشعر ومادة الجغرافيا بالنسبة (لموضوع شعري وهو الوطن العربي الممتد ما بين المحيط والخليج )
نشأت في أسرة بسيطة لأبوين يعملان ليلا و نهارا من أجل توفير قوت يوم أطفالهم .
تخرجت من كلية الآداب جامعة الإسكندرية وعملت معلما لمادة الجغرافيا والتاريخ بالمرحلة الاعدادية ثم سعيت للسفر كباقي أبناء الشعب المصري من أجل توفير حياة أفضل لي ولأبنائي و حينما جاءت الفرصة كانت و الحمد لله في المدينة المنورة وهذا من فضل الله عليَٓ
حيث عملت بأحد مدارسها لمدة عشرة سنوات متتابعة بجوار الحبيب صلى الله عليه وسلم
وكنت عضوا مشاركا في نادي أدب المدينة المنورة تحت قيادة الدكتور عبد الله العسيلي
وكانت هذه الفترة هى بداية اهتمامي الحقيقي بالشعر .
2- س : البدايات الشعرية تتسم بالصعوبة دوما كونها مرحلة اثبات الذات . كيف كانت بدايتك مع الشعر ؟
ج : كانت أول محاولتي الشعرية في المرحلة الثانوية وأذكر ما كتبته على هيئة سجع
حيث كنت في هذا الوقت لا أعرف أي شيء عن علم العروض وعندما عرضت ما كتبت من بساطة الكلمات وجدت تشجيعا من بعض الأصدقاء فأخذت أنمي ما لدي من موهبة شعرية ،
و كانت بداياتي في قصيدة النثر
حيث كان لي العديد من أصدقائي في مرحلة الجامعة يتجهون إلى كتابة قصيدة النثر فنشأت في هذا الوسط لفترة طويلة
ثم قابلني أحد الأصدقاء من الشعراء المصريين بالمدينة المنورة بالحرم النبوي وشجعني على تعلم علم العروض .
لكن ، كانت تقابلني صعوبة كبيرة في تطويع الجملة الشعرية على العروض الخليلية وخاصة فيما يخص القافية ، (وهذه الصعوبة نشأت عندي بسبب الاعتماد على كتابة قصيدة النثر لفترة طويلة وترك كتابة القصيدة الفراهيدية .
3- س : المعرفة شجرة بفواكه متنوعة ، كيف تنظر إلى ذاتك في ظل هذه الشجرة ، و ما هي الثمرة التي يجذبك فيها أكثر من غيرها ؟
ج : المعرفة هي من تشكل العقل وهي المسؤولة عن بناء الشخصية هذا هو إيماني بقضية المعرفة ،
لذلك كل ما يمت إلى المعرفة بصلة كنت أقرأ فيه بداية من القرآن الكريم إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، مرورا بالاطلاع على تاريخ سير أعلام التاريخ والحقائق العلمية في الكتب المتخصصة ، فالحمد لله أحب القراءة جدا والبحث العلمي وعندي مكتبة ضخمة أنشأتها منذ المرحلة الثانوية وهي غير متخصصة في فرع معين من العلوم بل في كل العلوم .
لكن أفضل القراءة أكثر في دواوين الشعر وكتب الأدب ، فعندي العديد من الأعمال الكاملة لمجموعة كبيرة من الشعراء وكتب النقد الأدبي .
4 - س : حول طريقتك في كتابة القصيدة ، هل تكتمل و تنضج في خيالك ، أم تبدأ النظم و الكتابة مباشرة ؟
ج : بالنسبة لي ، القصيدة لا تحتاج إلى تحضير كامل في خيالي ، ولكنها تبدأ عندما أكون مشغولا بفكرة النص الناتجة عن خبراتي الحياتية التي مررت بها
ومن خلال ملاحظة ما يحيط بي ، فهنا تبدأ تتشكل حالة الكتابة عندي . فبعض القصائد قد لا تأخذ مني ساعة من الزمن وبعضها قد يأخذ عدة أيام .
5- س : كل ما تكتبه شعر فصحى عمودي أو تفعيلة ، هل لديك تجربة في قصيدة النثر ؟
ج : طبعا لي العديد من قصائد النثر
ومنها علي سبيل المثال
نص بعنوان :
(كنا حيث كنا صادقين )
لا احد يشبهنا في طفولتنا
لا شئ هنا بقي منا
حتى كدنا نُنسى في المنفى
والمنفى حُبلى بالحنظل والأنين
لاشئ هنا يعرفنا
حيث كنا نرسم برائتنا ببراعة صادقين
كنا نلوح للقمر في بدره الوسيم
ونراقص خيالنا في شوارعنا آمنين
كنا نأوي إلى فراشنا من الركض ولا نعرف أننا كنا متعبين
وأمهاتنا تغني ليلنا الطويل بالحكاوي مذهلين
لم يكن لدينا حلما. لكننا كنا حالمين
نتوج الشمس في الصباح
ونزرع الشكر في أعين الساجدين
كنا حيث كنا صادقين
6-س : الزجل هو أحد أشكال الأدب الشعبي ، يبدو أنك بعيد عنه و ربما لا تستسيغه ، ألا تفكر في خوض تجربته ؟
ج : لم أخض هذا المجال أبدا ، مع حبي الكامل لكل أجناس الأدب لكن كل اهتمامي الحالي بالشعر العمودي والتفعيلة فقط وأحيانا النثر .
7- س : الإحساس بجمالية القصيدة شيئ أساسي في الشعر ، كيف استطعت تخليق الجو الجمالي و التماس المذهل بين القارئ و القصيدة ؟
ج : هذا موضوع كبير جدا بل هو أهم المواضيع على الإطلاق
فيما يخص علاقة المتلقي بالقصيدة ، لأن الشاعر في النهاية لا يكتب لنفسه بل المستهدف هو جمهور الشعر ومحبي الشعر ،
لذلك في رأيي الشخصي يجب أن تكون القصيدة
بسيطة في ألفاظها بليغة في تركيبها وبنائها باستخدام مفردات يرددها العامة حتى تصل إلى المتلقي البسيط ، وأنا في هذا اللون من الكتابة أميل إلى مدرسة الشاعر السوري الكبير نزار قباني والشاعر المصري الكبير محمد أمل دنقل .
8- س : برأيك ما دور الشاعر و الأديب في زمن الحروب و الأزمات و الأوبئة ؟
ج : للشاعر دور مهم ، فالشعر كان وسيلة إعلام العرب قديما ...وحديثا لايقل أهمية عن دوره القديم ،
فالشاعر الحقيقي هو الذي يحاكي قضايا عصره
ويعيش مع أبناء وطنه يتألم لآلامهم ويفرح لأفراحهم لأن الشاعر ابن بيئته .
9- س : في بلداننا تتداخل الأمور إلى حد المتاهة ، كيف تقيم التوازن بين الشعري و السياسي ؟
ج : كما قلت الشاعر ابن بيئته والشاعر الذي ينفصل عن واقعه يكون في واد والناس في واد آخر ،
لذلك هناك ثمة علاقة كبيرة مابين الشعر والسياسة ، وما نعيش فيه إنما هو صدى الأجواء السياسية للوطن العربي وهذا الأمر لايخفى على الجميع .
10- س : عند الكتابة عن قضية ساخنة ، بأية عين تنظر إليها ، أبعين الشاعر أم بعين السياسي ؟
ج : طبعا بعين الشاعر الغارق في هموم الوطن ، لأن السياسة لها أهلها وأنا لا أنتمي إلى أي حزب سياسي ولا إلى جماعة فكرية أو سياسية بعينها ،
بل أنتمي إلى هذا الوطن وأتفاعل مع همومه وأفراحه برؤيتي الشعرية ، فالشعر هو انتمائي السياسي والأخلاقي على حد سواء .
11- س : ما رأيك بمستوى الحركة الأدبية في مصر قبل و بعد الثورة ؟
ج : لقد حدث وعي كبير واكب فترة الثورة وما بعدها ،
لكن الحركة الأدبية في مصر ليست بها حاضنة تهتم بالشعراء الموهوبين حتى الآن ،
والسائد في الحركة الأدبية قائم على فيما بينهم من مصالح ، متجاهلين في ذلك الموهوبين تجاهلا عجيبا . وأنا ضد هذه الأفكار التى تقوم على المصالح ، لأنها تقيد حركة الإبداع وتحد من فاعليته في بناء مجتمع صالح وتنمي الحركة الأدبية والارتقاء بها .
12 - س : كيف ترى مستقبل الشعر و الشعراء وسط هذه الفوضى الخلاقة ، المهددة لأمن الشعوب العربية ؟
ج : المستقبل يسير في اتجاه حركة الشعر والشعراء برغم ما نعيشه من فوضى ، لأن هذه الفوضى هى التى ستفرز نهضة شعرية كبيرة ولامناص منها ،
فالشعر وليد الحدث والأحداث المتشابكة في الوطن العربي ستخرج لنا مدارس شعرية جديدة بلا شك .
13- س : حدثنا عن اصداراتك و مشاريعك الأدبية المستقبلية.
ج : لقد صدر لي ثلاثة دواوين مشتركة مع شعراء من الوطن العربي ، و أحد هذه الدواوين بعنوان ( نبضات عربية ) شارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب ومعرض الاسكندرية للكتاب
ولم أقم بطباعة ديوان خاص بي حتى الآن ،
لعلمي أنها لن تضيف لي كثيرا ، فمن سيشتري ديوانا شعريا يقرأه
برغم ما عندي من إنتاج أدبي يسمح بذلك ، ربما من الممكن القيام بتوثيق ما أكتبه في أحد البوابات الخاصة بذلك ،
وقد تتغير فكرتي و أقوم بالطباعة
عند ذلك ، ولكل حدث حديث .
14- س : هل هناك صعوبات في نشر ديوان شعري ' مع مشاكل دور النشر ، و عزوف القراء عن متابعة القراءة على الورق ، بعدما التهمتهم شاشة الفضاء الأزرق؟
ج : أكيد طبعا نحن نعاني من قلة القراءة والاطلاع ،
ولا يوجد قراء للشعر من عامة الناس بسبب ما تفضلت حضرتك علاوة على تدني مستوى الثقافة والتعليم في الوطن العربي .
15- س : هل كان علي أن أطرحك عليك سؤالا و سقط سهوا ؟
ج : لا طبعا لقد وفيت وأكثر شكرا جزيلا لمعاليك .
- كلمة أخيرة :
أتقدم بخالص شكري وامتناني لكم حسن مستعد الأديب المغربي ، على إتاحة هذه الفرصة في تبني المواهب الشعرية في الوطن العربي .
- هل من هدية لقراءك و متتبعيك بمجلة دوائر ضوء ؟
- اقدم للقراء هذا النص على نغم البحر الكامل
- انتهى الحوار لكن الابداع لم و لن ينتهي ، في انتظار لقاءات أخرى مع أدباء مبدعين و متألقين ، نترككم مع القصيدة / الهدية للشاعر أحمد السيد جاد.
فتى من أثر الجدود
_____________________
إلزمْ صوابك يا فؤادي لاتخف
زيف الأماني في زمانك ينكشفْ
وانظرْ بعين الصقر في صحرائنا
تجري الضباع إلى الجحور وتندلفْ
واسحبْ سيوفك أينَٓما تجد الوغى
في إثرها ؛ أمطرْ نبالك لا تقفْْ
العين لا تدري بأنَٓك تقتفي
أثر الجدود و من إبائك ترتجفْْ
جدُٓ الفتى أطوى الصحارى كلها
في غمده .. وجه المرايا يعترفْ
احكي الرواية قل لهم ومرددًا
إنَٓ الغواية وجهها لا يختلفْ
تبدو العمامةُ في بداوة زيفها
بعض الضلوع من الزوايا تنحرفْ
فاغرسْ سهامك في الفضا فلرُبَٓما
يمضي الجبان من الطعان وينصرفْ
••••••••••••••
Commentaires
Enregistrer un commentaire