نص الحوار الأدبي مع الفائزة في المسابقة العربية للقصة القصيرة السودانية مناهل عوض محمد (بت الأشول ) ، منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب .
حوار مع أديبة فائزة :
حاورها : الكاتب المغربي حسن مستعد
توطئة :
هل كان على الكاتب السوداني حمور زيادة أن يفوز بجائزة نجيب محفوظ عن روايته "شوق الدرويش" عام 2015، كي يظهر الأدب السوداني من جديد للواجهة؟ فبتدقيق صغير على مجمل حركة الأدب العربي يمكن للقارئ المتابع ملاحظة فتور الاهتمام بالأدب السوداني باستثناء ثلة من الأدباء السودانيين المعروفين الذين نالهم من الاستحسان ما لم ينل غيرهم من الكتاب أمثال الطيب صالح في الرواية والبشير التيجاني في الشعر .
ولكن ليس هذا العائق الوحيد أمام الفتور الذي يعيشه الأدب السوداني، إذ تأتي صعوبة نشر الكتاب السودانيين لأعمالهم ومؤلفاتهم بسبب ما يمر به السودان من تغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية صعبة تقف حاجزا كبيرا أمام إمكاناتهم وبالأخص في الوقت الراهن، إلا أن هذه التغيرات الحالية هي أيضا ما يحرك شريحة واسعة من الشباب السوداني نحو أبواب الفن والكتابة وحتى التدوين في محاولة للتعبير عن أنفسهم وطموحاتهم .
لا تختلف الكتابة النسوية ( و أتحفظ على هذه التسمية ) السودانية عن مثيلاتها في العالم العربي، حيث يتشابه الواقع المعيش للمرأة العربية والأفريقية من حيث الهيمنة الذكورية، ولكن نظرا لكون المجتمع السوداني أكثر تعقيدا، نسبة إلى تعدد الإثنيات والأديان والثقافات وأيضا اللهجات، ربما يكون هذا هو الاختلاف الوحيد.
وبما أن الكتابة عملية إنسانية في المقام الأول، لا تنفصل عن واقع كل كاتب وكاتبة، والمجتمع من حوله الذي يجد فيه المبدع والمبدعة قصته وشخوص رواياته، ولكن تعدد كل الأسباب التي ذكرت داخل المجتمع السوداني قد يكون أكثر تعقيدا إذا ما وضعنا في الاعتبار تعدد قبائله ولغاته وإثنياته دون غيره، وإن كانت جميع تلك المجتمعات تشترك في قهر المرأة وهيمنة وقسوة المجتمع الذكوري مما يضع حملا ثقيلا على عاتق المرأة الكاتبة وهو الإبحار في عوالم الإبداع دون التقيد بما يفرض عليها من قيود سواء كانت أسرية مجتمعية أو من قبل الدولة أو النظام الذي تنتمي إليه المبدعة عموما.
فرغم سيطرة الرواية المصرية والسورية وحتى الأجنبية على اهتمامات الكاتب العربي، فإن هناك الكثير من التجارب السودانية التي تستحق الإشادة بإمكانيات الأدب السوداني وتميزه بقربه من نقل صورة المجتمع السوداني والخروج عن النطاق المعروف من أدب سجون وسرد طويل .
فأعمال الطبيب الروائي أمير تاج السر أجملها رواية "366" المنفردة بخفة سردها وطابعها الرومانسي الغائب عن الرواية الرومانسية العربية، فيما يقوم أساس الرواية على مجموعة من الرسائل يكتبها أستاذ عاشق من الطبقة الفقيرة لمحبوبة لا يعرف عنها إلا اسمها، فيشرح فيها - على عكس ما تقدمه الرواية الرومانسية - حلاوة ومتاهات الحب من طرف واحد بأسلوب إبداعي مميز.
فما يسمّى الكتابة النسوية، هو مصطلح عنصري يعمل على تهميش وإقصاء المرأة من المجال الإبداعي، وقد بدأ في الغرب، ولا يمكن تصنيف الأدب على أساس ذكوري أو نسوي لأن الأدب في المقام الأول حالة إنسانية سواء كان المبدع رجلا أو امرأة، وبما أن القضايا الإنسانية مشتركة، مع وجود بعض الخصوصيات، لذلك فإن حصر إبداع المرأة في جنسها الأنثوي فيه تمييز واضح يقصي المبدعة عن دورها الأساسي في تنوير المجتمعات جنبا إلى جنب مع الرجل.
من هذه الرمال المتحركة و الشذ و الجذب في صحراء الأدب السوداني المترامية الإبداع ينبثق جيل جديد يسعى لتحرير الأدب من هذه القيود المكبلة لأقلام تسعى
جادة و جاهدة للتحليق في آفاق رحبة ، تأتى لأديبتنا مناهل عوض محمد (بت الأشول ) أن تكتب و تعبر بكل حرية و تخترق الأسلاك الشائكة لتحظى بمكانة لائقة وسط الأدباء الشباب في الوطن العربي إثر فوزها في مسابقة القصة القصيرة ممثلة للسودان بعد إقصاء منافسيها الإثنين من نفس البلد .
هي ضيفتنا اليوم في حوار أدبي ممتع .
الحوار :
- سعيد جدا باستضافتك في هذا الحوار التكريمي بمناسبة فوزك في المسابقة العربية للقصة القصيرة ، فهنيئا لك بهذا الفوز و أهلا و سهلا و مرحبا.
- كل السعادة والسرور لأحلّ ضيفة في صرحكم العظيم ولأكون بحضرة القامة الأستاذ حسن مستعد ولي الشرف بأن أكون موضع إهتمامك. كما لا يفوتني أن أشكر كل من إنكب علي تنقيح وتصحيح النصوص المتأهلة ولهم مني كل التقدير.
- س1 : من هي مناهل عوض محمد و كذلك من هي بت الأشول أي بنت الأصول التي اقترنت باسمك ؟
- ح : مناهل أبسط من بسيطة أكره التعقيد أحب الحياة البسيطة والهادئة وشغوفة بالمعرفة أكملت نصف ديني اولا ومن ثم بدأت بتأدية رسالتي الأولى تجاه أبنائي وأسرتي وأتمنى العون من الله وها أنا أعود لألحق بركب العلم والمعرفة في سنتي الدراسية الثالثة لعلم النفس ورياض الأطفال .
الأشول لقب والدي الذي أُشتهر به حينما كان لاعب كرة قدم في نادي المهدية وأشبال الهلال فأحببت أن يعرفني به الناس إكراماً لوالدي وذكراه ووقعه عنده .
- س 2 : البدايات ، كيف تولدت لديك موهبة الكتابة ؟
- ج : بدأت منذ الصغر أول من لاحظ ذلك والدي أمد الله في عمره وأخبرني بأن جدته كانت تجيد الوصف والشعر التلقائي اللحظي واشتهرت بذلك .
- س 3 : أنت شاعرة و قاصة ، و كان فوزك ازدواجي ما شاء الله ، أية وسادة تتوسدين و تغطين في إبداع عميق ، أهي الشعر أم القصة ؟
- ج : أحب الشعر جدا ولكن القصة تأسرني بحيث أفضى مكنوناتي واسترسل وأسرد من غير تقييد .
- س 4 : بداية البداية أو القبض على الفكرة بالأنامل ، هل تأتي كرها أم طوعا ؟
- ج : كما أحب تسميتها وكأن هناك من يستحوذ علي مخيلتك ويقبض علي أناملك ويطوّع بنانك طوعاً لا كرهاً
س 5 : الكل يتكلم عن الطقوس و كأن الكتابة بمثابة سحر و ليست سحرية ، ترى هل تخضعين لمثل هكذا طقوس ؟
- ج : نعم الكتابة كالسحر وكأن هناك من يستحوذ عليك .
س 6 : من كان له الأثر الكبير لدفعك لممارسة نسيج الحروف ؟ و ممن من النساجين تأثرت ؟
- ج : لا يفوتني ديوان أو قصة أو كتاب الا وإلتهمته نهِمة، ولكني أحببت الشعر العربي الفصيح عموماً إرتحلت مع (المتنبيء) (وزهير) أسرني (ابو القاسم الشابي) وأحمد شوقي وتعلقت (بنزار قباني) أحببت (حميد) وترعرعت منذ الصغر مع نبيل فاروق وإلتمست في الطيب صالح وطه حسين بعض المحبة وخطفني (حجي جابر)
- س 7 : هل صحيح أن السودان بلد المليون كاتب بعد مليون شاعر لموريطانيا ؟ إن كان هذا صحيحا فماذا تبقى لنا ، أن نربح المليون نقدا و ننصرف ؟
- ج : قديما قالوا أن القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ. ربما حان قطف ثمار ذلك فالسودان متعدد الأعراق والثقافات التي شكلت هويته الثقافية والأدبية. كما أنكم أحفاد طارق بن زياد فاتح الأندلس التي تدفقت وأفاضت علي المغرب العربي المتوقع منه الكثير والدليل إكتساح المغاربة مسابقة القصة القصيرة.
- س 8 : هل لك حضور في الأنشطة الثقافية بالسودان ؟
- ج : اول دعوة تلقيتها من الصديقة الشاعرة راوية أحمد مدثر لتدشين ديوانها (همسة شوق) وعرّفتني كبداية لي وتشرفت بإلقاء اول قصيدة من نظمي خلال الإحتفال ووجهت لي دعوة بعدها من بيت الشعر ولكن نسبة لجائحة كورونا توقف النشاط.
س 9 : ماذا أضاف لك النشر الالكتروني، هل كان الحصاد وفيرا ؟
- ج : النشر الإلكتروني كان له نصيب الأسد بتعريفي للناس فبالرغم من أنني أكتب منذ الصغر الا إن هناك عدد قليل ممن يعلمون ذلك كالأقارب والأصدقاء المقربين ولم تري كتاباتي الضوء قبل ذلك
- س 10 : هل سبق و أن كنت في مرمى قناصة النقد ؟ هل أنصفوك ؟
- ج :أتمنى ذلك ولكن أن تقويني الطلقة التي لا تقتلني
- س 11 : يدفعني الفضول لمعرفة اصداراتك؟
- ج : ديوانان شعريان بلجنة المصنفات الأدبية (الصباحات) و(صهباء الهيام) ولكن لم تجد نصيبها من الطبع.
س 12 : أنت أم و زوجة و طالبة ، كيف تجدين الوقت الكافي للكتابة و تحمل كل هذه الأعباء ؟
- ج : الأمومة وظيفة بدوام كااامل ولكن الحمد لله علي توفيقه وكما أسلفت حينما تستحوذ علي الكتابة لا يوقفني شئ. أما بالنسبة للدراسة والتوفيق فإن تنظيم الوقت هو أهم عامل كما أن الكتابة ساعدتني كثيراً في تلخيص محاضراتي وتنقيحها أول بأول وترتيب المادة التعليمية والعلمية في نقاط للمساعدة علي المراجعة والقراءة أثناء الإمتحانات وبحمد الله وتوفيقه تقديري دائما إمتياز تفوقت و نلت منحة للسنة الدراسية الثانية من الجامعة وسعيت لأن أنالها أيضا هذه السنة بإذنه تعالى .
- س 13 : كيف كان وقع الفوز في المسابقة العربية للقصة القصيرة عليك ؟
- ج : أكيد سعيدة جدا أن تكون لي قصة وقصيدة ضمن الكتاب الجامع وضمن كُتاب من الوطن العربي فلقد تأخرت كثيراً وكان لكم الفضل في إلقاء الضوء علي نصوصي.
كلمة أخيرة :
شاكرة جدا وممتنة لما وجدته منك من إحتفاء واهتمام والذي كان بمثابة دافع وتخفيز للمواصلة وشاكرة لوجودي بينكم وللجنة التحكيم كما أخص بالشكر دار ببلومانيا للطباعة والنشر لإتاحتها لنا هذه الفرصة ومشاركتها في دعم المواهب.
مع احترامي وتقديري أستاذ /حسن مستعد
Commentaires
Enregistrer un commentaire