نص الحوار الأدبي مع الفائزة في المسابقة العربية للقصة القصيرة، المغربية هاجر أوحسين منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب
حوار مع أديبة فائزة :
حاورها : الكاتب المغربي حسن مستعد
توطئة :
بعض من الكتاب و الأدباء متخصصون في مجال علمي مثل الطب أو الهندسة ، و لديهم أيضا ميول أدبية من شعر أو نثر ، فتجد طريقة تفكيرهم تتأرجح بين العقل و القلب جذبا و شدا حينا و حينا .
نجد أن قلوبهم تقفز بالأحاسيس و المشاعر حين يتقمصون الشخصية الأدبية محاولين ترجمة الحزن و الفرح ، المتعة و الألم ، السعادة و التعاسة بين سطور الورق و قطرات القلم .
بين العقل و القلب صلة خفية حميمة حتى لو أنكرها البعض و تكبر عنها .
ليسوا بقلة بل هم كثر بدءاً بيوسف إدريس ( كاتب قصصي، مسرحي، وروائي مصري
تخصص في الطب النفسي )
و مصطفى محمود
( فيلسوف وطبيب وكاتب مصري تخصَّص في الأمراض الصدرية )
وعلاء الأسواني( أديب مصري و طبيب أسنان ) وغيرهم كثر إلا أن كل هؤلاء الذين أبدعوا في وصف النفس والجسد البشري لم يخصصوا أبداً بعينه لخدمة الطب كما فعل الأديب الراحل أحمد خالد توفيق الذي خصص سلسلة ( سفاري) لاستعراض الكثير من الظواهر الطبية والذي لعله الوحيد من بين الكتاب العرب الذي كتب أدباَ طبياً.
و سبب هذا التأرجح أن حياتهم المهنية مليئة بأحاديث العقل و الحقائق و الاحصائيات و الأرقام و المعادلات و التجارب العلمية .
تلك الفروق هم يعيشونها في اليوم الواحد عدة مرات و لا بد أن يلبسوا لكل حالة ثوبها .
ضيفتنا مهندسة أديبة و أديبة مهندسة ، تخصص طبوغرافيا ، وكما نعرف أن الطبوغرافيا أو سمات سطح الأرض أو علم التضاريس هو تمثيل دقيق لسطح الأرض بعناصره الطبيعية والبشرية (أي مهتم بتضاريس سطح الأرض) وهي علم توقيع ورسم الهيئات الطبيعة والاصطناعية بمقياس وبرسم وبرموز اصطلاحية متفق عليها دوليا على قطعة من ورق أو ما شبه ذلك تسمى بالخريطة ، وهذه الأخيرة عبارة عن رسم هندسي مصغر لجزء من الأرض التي توضح كل المعالم والمظاهر ذات الأهمية الاستراتيجية.
أليس الكتابة هي أيضا طبوغرافيا و تعبوغرافيا ، لنستمع لمهندستنا الأديبة ، فعندها الجواب الذي يشفي الغليل ، و مفتاح خريطة العالم الذي يبدو أنه بلا دليل، بلا خرائط و بلا فرامل ....
الحوار:
نلتقي معك اليوم في هذا الحوار التكريمي ، لنحتفل بك و بفوزك في المسابقة العربية للقصة القصيرة ، فأهلا و سهلا بك .
س1: من هي هاجر أوحسين ؟ نريد أن نتعرف على هاجر الكاتبة و الانسانة ..
1. بداية أود أن أتقدم بأزكى عبارات الشكر لكل القائمين على المسابقة العربية للقصة القصيرة و على رأسهم أديبنا الكبير الأستاذ حسن مستعد و الذي أشكره جزيل الشكر على هذا الاحتفاء و على الحوار.
هاجر أوحسين، من مواليد سنة 1998 بمدينة مكناس. طالبة مهندسة بالسنة الختامية بمعهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة، شعبة الهندسة الطبوغرافية. فاعلة جمعوية و عضوة بعدة مؤسسات مدنية.
إنسانة تعشق البساطة، التفاصيل و التعبير خاصة عن طريق الكتابة.
س2 : في وقت ما تشكل لديك هذا الهم القصصي ، كيف كان ذلك ؟
2. الكتابة كانت ولا تزال طقسا حياتيا لا يمكن الاستغناءعنه. بداياتي مع الكتابة جاءت بعد فترة طويلة من القراءة في سن صغيرة لمجلات الأطفال و الحكايات و غيرها...
بدأت رحلتي مع القلم في مرحلة المدرسة الإعدادية و ذلك بفضل تشجيعات مجموعة من الأساتذة الذين لم يبخلوا علي أبدا بتوجيهاتهم
- س3 : أنت طالبة بمعهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة، شعبة الهندسة الطبوغرافية ، ما استنتجته أنكم أنتم المهندسون بدأتم تضايقون الأدباء و الشعراء ، أية قبعة تضعين فوق رأسك ؟
- ج : منذ متى عرف الأدب و الفن حدودا؟
لم تكن الكتابة يوما حكرا على أصحاب الشعب الأدبية فقط. فالكثيرون هم الذين يمارسون مهنا كالطب و الهندسة و تربعوا على عرش أعظم الكتاب و الشعراء، أذكر منهم الشاعر و الطبيب المصري إبراهيم ناجي، الذي لم تقف مهنته حجرة عثرة بينه و بين الإبداع.
-س4 : ما هي طقوسك في الكتابة، و كيف تستوحين و تلتقطين خيوط البداية ؟
- ج : حالما تنتابني فكرة، ما قد أكتب في أي وقت و أي مكان، لكنني و مع ذلك أحبذ الكتابة في مكان هادئ وبجواري فنجان قهوة تفوح رائحتها في الأرجاء .. و حالما أفرغ من الكاتبة، أقرأ نصي بصوت عال..
الكتابة سفر في عالم اللاوعي، و التذكرة الأولى عبر البياض غالبا ما تكون صعبة و في بعض الأحيان مرعبة. قد تكون خيوط البداية موقف شخصي، كلمات أغنية، محادثة قوية أو مجرد تصورات ذهنية لاعلاقة لها بالتجارب الخاصة..
-س 5 : من له الفضل في تربعك على حقلي الزراعة و الأدب ؟
- ج : يرجع الفضل الكبير إلى أستاذي في المرحلة الثانوية، الكاتب أبو اسماعيل أوعبو و الذي كان دائما يمطرني بتشجيعاته و توجيهاته. و ما زلت أتخذه قدوتي في الميدان الأدبي.
- س6 : أصدرت مجموعتك القصصية الأولى " أضغاث أحلام " و لديك مشاركات عدة في كثير مواقع ، هل أنت راضية على هذه المكاسب الأدبية ؟
- ج : كأول تجربة نشر لي ، نعم راضية. سررت لآراء القراء و رسائلهم المحفزة .
- س 7 : لنعد إلى مجموعتك و التي تصنف ضمن جنس القصة القصيرة جدا أو الومضة ، لماذا هذا التحول؟ ألم يعد لك نفس طويل لمسايرة الحكي ؟
7. بعد قراءت كثيرة في فن القصة القصيرة جدا ولأن التصويرات البلاغية تثيرني و أجدها تصف سجية الكاتب على نحو أفضل، أردت خوض التحدي و قمت بمجموعة من المحاولات، فوجدت أن هذا الفن يستهويني.. بعد سنوات طويلة من الانتظار قمت بنشر أول مجموعة لي.
لكن و بالموازاة مع ذلك، أنشر مقالات طويلة في مجموعة من المجلات، فضلا عن الخواطر و القصص القصيرة.
- س 8 : نريد منك أن تتكلمين بعجالة عن هذه المجموعة القصصية لتحفيز القارئ النهم على اقتنائها ..
8. أضغاث أحلام، أول عمل أدبي لي ، هو عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة جدا و التي اندرجت ضمن سلسلة: إبداع و صنف: قصص. عمل مكون من 64 صفحة 50 قصة قصيرة جدا. كل نص ضمن المجموعة يقبل أبعاد و تأويلات تختلف باختلاف القارئ. قصص مستوحاة من تجارب حياتية و ملاحظات يومية. موضوعات و تأملات متنوعة، تجد لها في الحلم مأوى و مفر. و أشير إلى أن القصة القصيرة جدا جنس أدبي جديد ظهر في تسعينات القرن الماضي و يتميز بقصر حجمه، بالتكثيف و بالإيحاءت الرمزية و التصوير البلاغي.
س 9 : مهندسة ، قاصة ، فاعلة جمعوية ناشطة ، استحوذت على كل شيء ماذا تركت لنا ؟
ألا يؤثر هذا على مسارك الدراسي ؟
- ج : لا على العكس. أظن أنني أتقدم على نحو أفضل في مساري الأكاديمي حينما يكون لي متنفس و حينما أخصص حيزا من وقتي للكتابة و للعمل الجمعوي. أطمح إلى منحهما وقتا أكثر مستقبلا.
س 10 : في قصصك هل تريدين أن يكون البطل الفكرة ، أم اللغة و لماذا ؟
- ج : الاثنان معا. الكتابات التي تسري في حروفها روح الكاتب، تكون أصدق و أبلغ من غيرها و تلامس فؤاد القارئ بقوة لأن الأفكار نابعة من أحاسيس و تأملات حقيقية وليست أسطر عديمة النبض فقط. أعتقد أن اللغة العربية لغة جد ثرية المعاني و الكلمات، و كلما كانت لغتنا بليغة كلما كانت اختياراتنا لدرجات الكلمات صائبة و مناسبة لما نريد إيصاله.
-س11 : هل ترين أن بين القارئ و المبدع فجوة ، و ما حجمها ؟
- ج : نعم ، تعود تلك الفجوة إلى تراجع التفاعل مع النص الأدبي خاصة حينما نعتقد أن العمل الأدبي إنتاج مغلق لا يحتمل دلالات قد تخصنا أيضا.
س 12 : هل استطاع النشر الإلكتروني أن يخدم الكاتب المبتدئ ، و إلى أي حد يمكن قول ذلك ؟
- ج : أكيد. النشر الإلكتروني هو أهم وسيلة للكاتب للتعريف بكتاباته و مشاركتها، كما أن له نصيب الأسد في إنشاء قاعدة أولية من القراء، خاصة في عصر باتت فيه وسائل التواصل حاضرة في الحياة اليومية للجميع. لكن و كوجهة نظر خاصة، ستظل الكتابات الورقية أصيلة و لها طعم آخر..
- س 13 : في الشبكة العنكبوتية العالمية تنتشر التجارب القصصية التي تفتقر إلى الابداع على أنها أدب مقروء له جمهوره، ألا يسيء ذلك إلى المشهد الأدبي العام و يضعفه؟
- ج : نعم، هنالك تجارب أجد أنها اكتسبت شهرة على نطاق واسع رغم الكثير من الثغرات.
لكن لكل فن عاشق له، و لكن جنس أدبي قراء.. شريطة أن تكون اللغة سليمة و ذات أفكار لها نَفس..
- س 14 : هل تعرضت كتاباتك لغارات النقاد ، على ذكر النقاد هل انقرضوا أم لا يعيرون اهتماما للأدباء الشباب ، إلا إذا كان باك صاحبي أو هذا ديالنا ؟
- ج : ككاتبة في أولى تجاربها، لاقت كتاباتي حصة متواضعة من القرء ات النقدية، لكن طبعا الاهتمام يقل لدى البعض حينما يتعلق الأمر بكاتب مبتدئ.
15 : هل كنت تتوقعين اصطياد الفوز و أنت ترمين بصنارة مشاركتك في مياه المسابقة العربية للقصة القصيرة ؟ و كيف كان شعورك ؟
- ج : لا لم يكن متوقعا، نظرا لعدد المشاركات من كافة الوطن العربي و زخم القصص الإبداعية. الفوز في المسابقة العربية للقصة القصيرة كان مفاجأة جد مفرحة و مشجعة.
- س 16 : أنت الآن قطعت الواد ( أي عبرت النهر ) بإصدارك الأول ، ما هي النصيحة التي توجهينها للأدباء الشباب و هم على ضفاف الواد ينظرون إلى مياهه ؟
- ج : النصيحة الأولى هي الانكباب على القراءة. بإمكان الجميع أن يكتب. لكن ما يحدث الفارق الأكبر هو وقع تلك
الكتابات، كلما كنت نهما في القراءة كلما كانت كلماتك أقوى.
الكتابات، كلما كنت نهما في القراءة كلما كانت كلماتك أقوى.
على الكاتب أن يكون صادقا على الورق، أن يبكي و القلم إذا أراد من القارئ أن يبكي متأثرا..
أن يبتسم و يراقص الكلمات إذا كان يرغب في إدخال البهجة على قلب المتلقي..
كلمة أخيرة :
شكرا للأستاذ حسن مستعد على هذا الحوار، كما أجدد شكري لكل الفريق الذي سهرعلى تنظيم المسابقة و لدار ببلومانيا للطباعة والنشر.
Commentaires
Enregistrer un commentaire