نص الحوار الأدبي مع الفائزة في المسابقة العربية للقصة القصيرة القاصة المغربية حنان عماري ، منشور و موثق بمجلة دوائر ضوء للثقافة و الأدب
حوار مع أديبة فائزة.
حاورها : حسن مستعد
توطئة :
إن جوهر الشخصية العسكرية يتجلّى في احترام الذات ، والثقة بالنفس ، والإيمان بقدسية الرسالة الوطنية ، ومن أبرز السمات التي يجب أن تتصف بها الشخصية العسكرية لتكون على الصورة المثالية وترقى إلى مستوى التكامل : الحكمة والشجاعة والأخلاق والصبر والإرادة ، والعدل والشهامة والنخوة والذكاء ، والحسّ المرهف والانتباه الشديد والاستعداد ...
كل هذه الصفات ورثتها أديبتنا من أبيها الجندي المدافع الشرس عن حدود الوطن في الجنوب المغربي و بالذات مدينة السمارة .
فقد شيدت هذه المدينة على يد الشيخ ماء العينين بأمر من السلطان مولاي عبد العزيز. ويظهر من هذا أن الشيخ ماء العينين اختار لهذا المشروع الحضاري موقعا استراتيجيا مهما في خريطة هذه المنطقة، وخريطة المغرب بصفة عامة، فقد أقام عاصمته في قلب الصحراء بعيدا عن أخطار المحيط وما تخبئه من مفاجآت، قريبا من نقط الماء، وما تمنحه من أمل في الحياة، تتوسط الصحراء وتطل على «تندوف»، وتراقب عن كثب ما يحدث في «آدرار» و«شنقيط»، وتقف حصنا منيعا ودرعا واقيا في وجه كل من تسول له نفسه الانقضاض على المغرب. وبصفة عامة فقد ورثت هذه المدينة ماضي المنطقة بكامله، فواصلت رسالتها الوسيطية، ولكن في شكل جديد، ينبني على أسس جديدة تقوم على الاستقرار .
سميت المدينة باسم السمارة لكثرة تواجد نبات السمر على طول وادي سلوان.
رغم أن السيدة حنان مزدادة بمدينة الدار البيضاء الغافية على المحيط الأطلسي، إلا أنها قضت مرحلتي الطفولة و الشباب بمدينة السمارة ، لذا كان تأثير المدينة المقاومة باديا للعيان عليها من خلال كتاباتها المشاكسة و المغردة خارجة السرب ، تكتب بزهو الواثقة من نفسها و بكبرياء يغلفه تواضع قلما اجتمع هذا النقيض في شخص واحد .
لكنها مسالمة ، خلوقة ، طيبة ، صبورة ، مثقفة ، ذكية.
تنحني لتتعلم لا لتنكسر ، تجاهد حد التحدي للوصول إلى ميناء حلمها لتمتطي سفينة الإبحار نحو المجهول المعلوم .
هكذا خبرتها منذ أصبحت صديقة للمجلة أنشر لها أحيانا و أحيانا أخرى أرفض معللا ذلك بعدم نضج بعض الثمار ، لأنني منذ البدء كنت أراهن عليها كنخلة سامقة ستثمر يوما ما.
و هاهي النخلة أثمرت و فاض المحصول.
ختاما فرحت لفوزها في المسابقة و سعدت كثيرا لأنها طالبتي النجيبة المجدة و المجتهدة .
الحوار :
أرحب بي عندك في هذا الحوار التكريمي لفوزك في المسابقتين الشعرية و القصصية ، لأنني أنا الضيف و أنت صاحبة الدار فأهلا و سهلا بنا نحن الإثنين .
- س1 : حنان عماري لا نعرفها جيدا ، فهلا قربتينا من حنان التي تعرفينها أنت
- ج : حنان عماري من مواليد شهر أكتوبر سنة 1991 بمدينة الدارالبيضاء ، أم لطفلين وطالبة في السنة الثانية محاسبة وتسيير، حاصلة على عدة شواهد في مجال الكتابة والشعر، صدر لي مؤخرا كتاب "انتفاضة امرأة" وهو عبارة عن خواطر ونصوص مليئة بتجارب الحياة.
حنان فتاة بسيطة جدا،متمردة دوما،ثائرة أحيانا وذات رأس سميك أشد من صلابة الحجر،طموحة جدا لا يوقفها شيء أمام تحقيق أحلامها، تعاند الدنيا والظروف للوصول لمبتغاها ولاتستسلم أبدا، محبة وعاشقة للحياة.
س 2 : بداية الألف ميل خطوة ، و بداية الكتابة حرف ، فمتى كانت بدايتك مع القلم و الورقة ؟
- ج : بدايتي مع الكتابة كانت في عمر مبكر نوعا ما،
بدأت أكتب في مرحلة الإعدادي وصار القلم صديقي الوفي ومؤنسي في وحدتي، هو فقط من يهون علي رتابة الأيام ويداوي آلامي وأحزاني.
س3 : من كان له الفضل في اكتشاف موهبتك في الكتابة و أخذ بيدك للوقوف بعد الحبو ؟
- ج : هناك أستاذين درساني مادة اللغة العربية في الإعدادي بفضلهم عشقت الشعر وغصت في بحاره واستهوتني قراءة الكتب والروايات، الأستاذ الشنوفي مصطفى والأستاذ اداعبيلو يوسف لا أنسى ماعلماني إياه ولا أنسى فضلهما ماحييت.
س4 : بعض الأدباء لهم طقوس في الكتابة كأنهم يتعبدون في محراب ، هل حنان من زمرتهم ؟
- ج : أبدا، يمكن أن أكتب ليلا أو صباحا، في الشارع أو في البيت، بل هناك ساعات أنام ليلا وأستيقظ على بعض الأفكار أو الكلمات تتبادر في ذهني أدونها على هاتفي وأواصل نومي، يمكن أن أكتب في عز الفوضى كما يمكن أن أكتب في أجواء هادئة.
-س5 : كتاباتك طلقات نارية و قنابل موقوتة و ألغام غافية ، ينقصك جيش فقط لإعلان الحرب على الرجل ، ما الذي بينك و بينه؟
- ج : ألسنا نعيش بمجتمع ذكوري بامتياز؟ هذا فقط مايثير غضبي من الرجل الذي يظن أن المرأة ولدت لتلبية رغباته فقط وأنها لا تستطيع أن تحيا من دونه، أنا أمقت الظلم وأمقت قهر المرأة وظلمها مهما كانت الأسباب، هذا مايدفعني لنصرتها في كتاباتي ورفع السلاح ضد الرجل، طبعا لا أعمم هذا على جميع الرجال، لكن أحاول فقط التطرق لمواضيع تمثل واقعنا المعاش.
- س6 : انفعالية ، مزاجية ، ثائرة ، مدافعة شرسة عن المرأة المنتهكة حقوقها ، مناصرة للمظلومين، جندية في خدمة الوطن ، احترت في أية خانة أضعك ، هل أنت كاتبة أم حقوقية أم جندية ؟
- ج : أنا كل هذا، أنا ابنة جندي محارب، حقن شراييني بدم أسود هادر، علمني عدم الخضوع ونصرة المظلوم، خلق مني امرأة تزلزل أركان الحلبة وتكسب رهان جولاتها، علمني قول كلمة الحق مهما كانت الظروف، كان ولا يزال سندي في هاته الحياة.
-س7 : أنت زوجة و أم و طالبة جامعية و كاتبة و ناشطة في المواقع الاجتماعية ، أرفع لك القبعة و قبعة للعظيم الذي ورائك أعني زوجك و هو يدفعك إلى تسلق هذه القمة التي تحسدين عليها ، سؤالي هو كيف توفقين بين كل هذه المهام ؟
- ج : الصراحة الأمر ليس سهلا أبدا، أحاول تنظيم الوقت قدر المستطاع وكما ذكرت زوجي هو سندي بعد الله سبحانه وتعالى ودعاء الوالدين،أجده دوما بجانبي يشجع طموحي حتى وإن انطفأت أحيانا يحييني من جديد ويشد بيدي لتسلق هاته القمة. أنا لا أؤمن بالظروف أقول دائما أن الإنسان هو من يصنع ظروفه وبالعزيمة والإصرار سنصل إلى مبتغانا يوما ما. مازال مشواري طويل لكني سأثابر إلى آخر لحظة من عمري إن شاء الله.
س8 : سعدت كثيرا لفوزك في المسابقتين لكونك طالبتي المجدة و المجتهدة ، كيف كان وقع الفوز عليك لحظتها ؟
- ج : عند رؤية إسمي بين الأسماء الفائزة أصبحت كالطفل الصغير الذي يفرح بشراء لعبة جديدة، أصيح هنا وهناك وأعيد قراءة اسمي كل دقيقة، الصراحة للنجاح طعم خاص، الفوز في هاته المسابقات دليل على أنني في الطريق الصحيح، كل فوز يزيد من عزيمتي وإصراري لتحقيق أهدافي والسير بخطى ثابتة في هذا الميدان.
س9: شاعرة و كاتبة قصة قصيرة و غدا ربما روائية ، أين تجدين نفسك وسط هذه الأجناس الأدبية ؟ و ما الجنس الذي يجذبك أكثر ؟
- ج : أجد نفسي في الشعر أكثر، ربما لميولي الكبير للقراءة للعديد من الشعراء، لكن هذا لا يمنع انجذابي للقصة القصيرة فأنا أراها محط اهتمام العديد من القراء، لذلك أحاول التمرس في كتابتها والإلمام بقواعدها.
س10 : هل ترين أن بين القارئ و المبدع فجوة ، و ما حجمها ؟
- ج : طبعا، هناك فجوة كبيرة بين الطرفين، إن أخذنا مثال الاعجابات فقط على صفحات التواصل الإجتماعي،فأنا أرى تطبيلا وتهليلا لأناس ربما أقل تمرسا من غيرهم، في حين نجد شعراء وكتاب لا يتم الإلتفات لهم، لازلت أحاول فهم ماهية القارئ وكيف يميز بين ماهو جيد وما هو متدني؟.
س11 : النشر الالكتروني بشكل ما استطاع استقطاب الأدباء و الكتاب ، هل يعتبر الآن منافسا قويا للنشر الورقي؟
- ج : طبعا النشر الالكتروني أصبح منافسا شرسا للنشر الورقي، مع تطور التكنولوجيا والهواتف النقالة أصبح أغلب القراء يميل لتحميل الكتب أو المقالات، جل المعلومات والأخبار تصلنا على الهواتف أينما كنا.
س 12 : هل استطاع النشر الإلكتروني أن يخدم الكاتب المبتدئ ، و إلى أي حد يمكن قول ذلك ؟
- ج : أجل لا يجب إنكار دور النشر الإلكتروني في خدمة الكاتب المبتدئ، فالآن أصبح كل شيء متوفر الكترونيا دون أي جهد أو عناء في البحث.
س 13: إلام تعزي هذه الصحوة للقصة القصيرة ؟
- ج : كما ذكرت سابقا ، القصة القصيرة أصبحت محط إعجاب جل القراء،وأنا أرجح كفتها لأنها تتميز بأسلوب خاص ينقل لنا قصصا معاشة تلامس شغاف قلوبنا، ناهيك عن أسلوب السرد الذي يميزها والذي يختلف من كاتب لآخر، وكلما كانت الحبكة متقنة والسرد ممتع إلا وازداد ميولنا لهذا الجنس الأدبي.
س14 : ما هو المطلوب من الكاتب ؟ أن يكون واعظا أو ناقدا أو قارئا للمجتمع ، أو مسليا و ممتعا في قصصه ؟
- ج : عليه أن يكون مزيجا من كل هذا، فأي كاتب ناجح يجب أن يكون قارئا لتنمية مهاراته وأسلوبه في السرد، وتختلف مهمته حسب نوع القصص التي يكتبها والرسالة التي يريد إيصالها للقارئ، فتارة سنجده واعظا وتارة ناقدا، وإن لم يكن قارئا للمجتمع فلن يوصل لنا الصورة كما هي.
-س15: هل لديك إصدارات لكي يطلع عليها القراء ؟
- ج : كما ذكرت سابقا، أصدرت كتاب "انتفاضة امرأة" مولودي الأول الذي يختزن مجموعة من الخواطر والنصوص المليئة بتجارب تفيد القارئ في حياته إن تمكن من تأويل كل فراغ محذوف، وفك شيفرة كل سواد مكتوب.
كلمة أخيرة:
أولا سررت بهذا الحوار الصحفي وشرف لي أن أكون ضيفتكم اليوم، ثانيا أريد أن أنوه بالدور الكبير الذي تقوم به سيادتك للنهوض بالأدب ومد يد المساعدة لكل الكتاب المبتدئين، شكرا جزيلا على كل جهودكم، مازلت أتعلم ويشرفني التعلم على يدك أستاذي الفاضل.
الشكر لوالدي على كل الدعم، ولا أنسى طبعا شكر زوجي الذي أفسح لي المجال لتحقيق طموحي،أشكر كل شخص آمن بطموحي وساندني،
كلمة لكل كاتب مبتدئ ستعصف،ستقصف وستدهس لكن إياك أن تنحني، لنتمسك دوما بأحلامنا ولنعلي سقف طموحنا، دمتم بألف خير.
- و أناسأخالف نصيحتك و سأنحني لك حبا و احتراما و تقديرا، و أحيي من خلالك كل امراة تشبهك ، و لن نخاف على المستقبل لأنكن صانعاته و صانعات جيله ، جيل التحدي و الازدهار و التقدم الحضاري في كل وطننا العربي .
Commentaires
Enregistrer un commentaire